حكاه يونس من قولهم : أعطيتكمه شاذ. وقال أبو بكر محمد بن عبد الملك النحوي : إنما يرد الإضمار الأشياء إلى أصولها لأسباب توجب الرد لا لأجل الإضمار ، فلا يقاس عليه ما لا سبب فيه مع أن الشيء إذا جاء على أصله ولم يمنعه مانع فلا سؤال فيه ولا يحتاج إلى تعليل ، إلا أن يخالف الاستعمال فقوله : أعطيتكم درهما ، أصله : أعطيتكمو فأسكنوا الميم تخفيفا وكرهوا الإسكان مع الهاء لخفائها وقربها من الساكن ولذلك كان : عليه مال ، أحسن من قولك : عليهي مال ، وكذلك : اليوم سرت فيه ، لأن الإضمار يبطل كونه ظرفا فاحتاجوا فيه إلى (في) كسائر الأسماء التي ليست ظروفا.
قال السخاوي (١) : قوله : «إنما يرد الإضمار الأشياء إلى أصولها لأسباب توجب الرد لا لأجل الإضمار» كلام متناقض يقتضي أن الإضمار يرد ولا يرد. وقوله : مع أن الشيء إذا جاء على أصله ولم يمنعه مانع فلا سؤال فيه ، فأقول : بلى فيه سؤال لأن قولنا : بك لأفعلن ، قد جاء على أصله وفيه من السؤال لم لم يجز أن يقول : وك ولا تك ، فاختصاص الباء بهذا لا بد له من سبب ولا سبب إلا أن الباء الأصل ، ولهذا تقول : أقسم بالله ، ولا تقول : أقسم والله ، ولا أقسم تالله ، انتهى.
تنبيه : المضمر لا يرد كل شيء إلى أصله
قال ابن عصفور في شرح (المقرب) : خرج قول الفرزدق : [البسيط]
١٨٨ ـ [فأصبحوا قد أعاد الله نعمتهم |
|
إذ هم قريش] وإذا ما مثلهم بشر |
على أن (مثلهم) مرفوع إلا أنه بني على الفتح لإضافته إلى مبني كقوله تعالى : (مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ) [الذاريات : ٢٣] فإن قيل : كيف يسوغ ذلك والمبني الذي أضفت إليه مضمر والمضمر يرد الأشياء إلى أصولها فكيف يكون سببا في إخراج (مثل) عن أصلها من الإعراب إلى البناء؟
__________________
(١) انظر سفر السعادة (٢ / ٧٢٧).
١٨٨ ـ الشاهد للفرزدق في ديوانه (ص ١٨٥) ، وتخليص الشواهد (ص ٢٨١) ، والجنى الداني (ص ١٨٩) ، والكتاب (١ / ١٠٣) ، وخزانة الأدب (٤ / ١٣٣) ، والدرر (٢ / ١٠٣) ، وشرح أبيات سيبويه (١ / ١٦٢) ، وشرح التصريح (١ / ١٩٨) ، وشرح شواهد المغني (١ / ٢٣٧) ، ومغني اللبيب (ص ٣٦٣) ، والمقاصد النحوية (٢ / ٩٦) ، والمقتضب (٤ / ١٩١) ، وهمع الهوامع (١ / ١٢٤) ، وبلا نسبة في رصف المباني (ص ٣١٢) ، وشرح الأشموني (١ / ١٢٢) ، ومغني اللبيب (ص ٨٢) ، والمقرّب (١ / ١٠٢).