فالجواب : أنّ المضمر لا يلزم ردّه الأشياء إلى أصولها في جميع المواضع ألا ترى أن التاء بدل من الواو في تكأة لأنه من توكأ ، ثم إذا أضافوها إلى مضمر قالوا : هذه تكأتك ولم يردوها إلى أصلها.
تنبيه : القول في بناء أي في (أيهم أشد)
قال الأبذي في (شرح الجزوليّة) : بنيت (أيّ) في نحو قوله تعالى : (أَيُّهُمْ أَشَدُّ) [مريم : ٦٩] عند سيبويه (١) لخروجها عن نظائرها ، وكان حقها أن تعرب لتمكنها بالإضافة ، ولا سيما وهي مضافة إلى مضمر ، والمضمرات ترد الأشياء إلى أصولها ولذلك تقول : زيد ضربتم أخاه ثم تقول : وضربتموه ، ولا تقول : وضربتمه.
مسألة : القول في عساي وأخواتها
قال ابن النحاس في (التعليقة) : أجمع النحاة على أنك إذا قلت : عساي وعساك وعساه ، ولولاي ولولاك ولولاه ، أن هنا شيئا قد تجوز فيه باستعماله على غير أصله ، واختلف فيما وقع المجاز فقال سيبويه (٢) : إن (عسى) خرجت عن عمل (كان) وعملت عمل (لعلّ) لشبهها بلعلّ في الطمع ، فالضمير منصوب على أنه اسمها ، ولو لا قد صارت حرف جر والضمير معها مجرور ، وقال الأخفش : إن عسى على بابها من عملها عمل كان ، ولو لا على بابها من أنها غير عاملة ، واستعرنا في عسى ضمير المنصوب للمرفوع ، فالضمير عنده في (عسى) في موضع رفع (لا) في موضع نصب ، والضمير في (لو لا) أيضا وإن كان صورة ضمير الجر مستعار للرفع ، فهو عنده أيضا في لو لا في موضع رفع على الابتداء لا في موضع جرّ.
وقال ابن النحاس : والوجه ما ذكره سيبويه لأن التجوز في الفعل أو الحرف أحسن من التجوز في الضمير ، لأن المضمرات تردّ الأشياء إلى أصولها فلا أقل من أن لا تخرج هي عن أصلها وموضعها.
الضمير أطلب بالإضافة من الظاهر
بدليل جواز الإضافة والنصب في ضارب زيدا في الحال والاستقبال والاقتصار على الإضافة في نحو ضاربك وضاربه على مذهب سيبويه أنه مضاف ليس إلا ، ذكره الشلوبين في (شرح الجزولية).
__________________
(١) انظر الكتاب (٢ / ٤١٩).
(٢) انظر الكتاب (٢ / ٣٩٦).