قال ابن هشام (١) : وتوهّم جماعة امتناع حذف الكون الخاص ، ويبطله أنا متفقون على جواز حذف الخبر عند وجود الدليل وعدم وجود معمول فكيف يكون وجود المعمول مانعا من الحذف مع أنه إما أن يكون هو الدليل أو مقويا للدليل ، واشتراط النحويين الكون المطلق إنما هو لوجوب الحذف لا لجوازه.
ومما خرّج على ذلك قوله تعالى : (فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَ) [الطلاق : ١] أي : مستقبلات (وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) [المائدة : ٤٥] الآية ، أي : تقتل وتفقأ وتصلم وتقلع ، أو مقتولة ، ومفقوءة ومصلومة ومقلوعة.
قال : ويلزم من قدّر المتعلق فعلا أن يقدره مؤخرا في جميع المسائل لأن الخبر إذا كان فعلا لا يتقدم على المبتدأ.
قال : ومن هنا لا نحتاج إلى ما ذكره ابن مالك وجماعة أنه يتعين تقديره وصفا بعد (أما) نحو : أما في الدار فزيد ، وإذا الفجائية نحو : (إِذا لَهُمْ مَكْرٌ) [يونس : ٢١] لأن (إذا) الفجائية لا يليها الفعل ، و (أما) لا يليها فعل إلا مقرونا بحرف لشرط نحو : (فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ) [الواقعة : ٨٨] قال : وهذا على ما بيناه غير وارد لأن الفعل يقدر مؤخرا.
تنبيه : تقدير عامل الظرف والمجرور إذا قدما على اسم إن
قال : ابن النحاس في (التعليقة) : اختلف النحاة في تقدير عامل الظرف والمجرور إذا قدّما على اسم إن ، فقال قوم : يقدر الاستقرار بعد اسم إن لئلا نكون قد فصلنا بين إن واسمها بغير الظرف والمجرور. وقال قوم : لا ، بل نقدره قبل الظرف والمجرور ولا نعتدّ بهذا فصلا لكونها لازم الإضمار ولا يجوز إظهاره.
السادس : في الفرق بين الظرف المستقر والظرف اللغو : قال الشيخ سعد الدين التفتازاني في حاشية (الكشاف) وفي (شرح المفصّل) للأندلسي : قال الخوارزمي : في الظرف المستقر ـ بفتح القاف ـ كذا سماها في (المفصّل) وفي (الكشاف) ، والمراد به الموضع ولفظ ابن السراج (٢) : إذا كان الظرف غير محل سماه الكوفيون الصفة الناقصة وجعله البصريون لغوا ، ويريدون بالمستقر ما كان خبرا محتاجا إليه ، وسمّي مستقرّا لأنه يتعلق بالاستقرار والاستقرار فيه ، فهو مستقر فيه ، ثم حذف
__________________
(١) انظر مغني اللبيب (٢ / ٥٠٠).
(٢) انظر الأصول (١ / ٢٤٧).