حرف العين
العامل
فيه مباحث :
الأول : العمل أصل في الأفعال فرع في الأسماء والحروف ، فما وجد من الأسماء والحروف عاملا فينبغي أن يسأل عن الموجب لعمله ، كذا في شرح الجمل.
وقال صاحب (البسيط) : أصل العمل للفعل ثم لما قويت مشابهته له وهو اسم الفاعل واسم المفعول ، ثم لما شبّه بهما من طريق التثنية والجمع والتذكير والتأنيث وهي الصفة المشبهة. وأما افعل التفضيل : فإنه إذا صحبته من ، امتنعت منه هذه الأحكام فيبعد لذلك عن شبه الفعل ، فلذلك لم يعمل في الظاهر.
وقال ابن السراج في (الأصول) (١) : إنما أعملوا اسم الفاعل لما ضارع الفعل ، وصار الفعل سببا له وشاركه في المعنى وإن افترقا في الزمان ، كما أعربوا الفعل لما ضارع الاسم ، فكما أعربوا هذا أعملوا ذاك والمصدر أعمل كما أعمل اسم الفاعل إذا كان الفعل مشتقا منه.
ثم قال (٢) : واعلم أن الاسم لا يعمل في الفعل ولا في الحرف ، بل هو المعرّض للعوامل من الأفعال والحروف ، قال : والأصل عندنا أن الأسماء لا تعمل في الأسماء إلا ما ضارع الفعل منها ، ولو لا معنى الحرف ما جر الثاني إذا أضيف إليه الأول.
وقال الجرجاني : الأصل في الأسماء أن لا تكون عاملة ، وباعتمادها لا يذهب عنها بوصف الاسمية ، فإن قيل : إذا كان الاعتماد لا يوجب لها صفة زائدة فلم عملت؟ أو لم اشتراط الاعتماد؟. قيل : الاسم الصريح الذي هو يصحّ أن يحدث عنه بوجه من الوجوه ، والصفة إذا اعتمدت لم يصح أن يخبر عنها بل هي بمنزلة خبر ، لأن الاسم الصريح ليس فيه إلا تمييز ذات عن ذات ، وإذا عرفت ذلك تبين أن الاسم يكتسب بهذا الاعتماد تحقيقا في شبه الفعل ، إذ هو واقع في موضع هو خاص
__________________
(١) انظر الأصول (١ / ٥٥).
(٢) انظر الأصول (١ / ٥٧).