العامل في المبتدأ ما في نفس المتكلم يعني من الإخبار عنه ، قال لأن الاسم لما كان لا بد له من حديث يحدث به عنه ، صار هذا المعنى هو الرافع للمبتدأ.
قال (١) ابن يعيش : والصحيح أن الابتداء اهتمامك بالاسم وجعلك إياه أولا لثان يكون خبرا عنه ، والأولية معنى قائم به يكسبه قوّة إذ كان غيره متعلقا به ، وكانت رتبته مقدمة على غيره ، وقيل : إنه عامل في الخبر أيضا.
ثم قال ابن يعيش : والذي أراه أن العامل في الخبر : هو الابتداء وحده كما كان عاملا في المبتدأ إلا أن عمله في المبتدأ بلا واسطة ، وعمله في الخبر بواسطة المبتدأ ، فالابتداء يعمل في الخبر عند وجود المبتدأ ، وإن لم يكن للمبتدأ أثر في العمل ، إلا أنه كالشرط في عمله كما لو وضعت ماء في قدر ووضعتها على النار فإن النار تسخن الماء ، فالتسخين حصل بالنار عند وجود القدر لا بها فكذلك هاهنا.
الثاني : عامل الرفع في الفعل المضارع معنوي على الصحيح ، بل ادعى بدر الدين بن مالك في تكملة شرح التسهيل : أنه لا خلاف فيه وليس كذلك ، بل الخلاف فيه موجود فقد ذهب الكسائي إلى أن عامله لفظي وهو حروف المضارعة ، وعلى أنه معنوي اختلف فيه فقيل : هو تجرده من الناصب والجازم وعليه الفراء.
وقيل : هو تعريه من العوامل اللفظية مطلقا وعليه جماعة من البصريين منهم الأخفش.
وقال الأعلم : ارتفع بالإهمال ، قال أبو حيان : وهو قريب من الأول.
وقال جمهور البصريين : هو وقوعه موقع الاسم كقولك : زيد يقوم ، كونه وقع موقع قائم هو الذي أوجب له الرفع.
وقال ثعلب : ارتفع بنفس المضارعة.
وقال بعضهم : ارتفع بالسبب الذي أوجب له الإعراب لأن الرفع نوع من الإعراب.
قال أبو حيان : فهذه سبعة مذاهب في الرافع للفعل المضارع ، واحد منها لفظي وثلاثة معنوية ثبوتية وهي الأخيرة ، وثلاثة عدمية وهي التي قبلها.
قال : وليس لهذا الخلاف فائدة ولا ينشأ عنه حكم نطقي.
الثالث : الخلاف ، جعله الفراء وبعض الكوفيين عاملا للنصب في الفعل المضارع بعد (أو) ، وبعد (الفاء) ، وبعد (الواو) ، في الأجوبة الثمانية ، يريدون بذلك مخالفة الثاني للأول من حيث لم يكن شريكا له في المعنى ولا معطوفا عليه ، فهو عندهم
__________________
(١) انظر شرح المفصّل (١ / ٨٥).