فائدة : العوامل اللفظية
قال ابن الحاجب في (أماليه) : العوامل اللفظية مطلقة على كان وأخواتها ، وعلى ظننت وأخواتها ، وإن وأخواتها وما الحجازية. وحروف الجر ، وإن كانت لفظية أيضا إلا أنها لما كانت تقتضي شيئا واحدا لم تعدّ مع تيك بخلاف ما ذكر أولا.
المبحث الرابع : كلّ حرف اختصّ بشيء ولم ينزل منزلة الجزء منه فإنه يعمل ، ذكره الجزولي في حواشيه ونقله ابن الخباز في (شرح الدرة الألفية) ، قال : وقوله : ولم ينزل ... إلى آخره ، يحترز به من قد ، والسين ، وسوف ، ولام التعريف ، فإنهن مختصات ولم يعملن لأنهن كالجزء مما يلينه ، وسبقه إلى ذلك ابن السراج في (الأصول) (١) : وفي بعض شروح الجمل مثله ، وزاد : إن الدليل على ذلك في (سوف) دخول اللام عليها في قوله تعالى : (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ) [الضحى : ٥] فلو لا أنها بمنزلة حرف من حروف الفعل لما جاز الفصل بها بين اللام والفعل ، قال : فإن وأخواتها وحروف الجر إنما عملت في الأسماء لانفرادها بها ، والنواصب والجوازم ، إنما عملت في الأفعال لانفرادها بها ، وكان القياس في (ما) النافية أن لا تعمل إلا أنها لما كان لها شبهان : شبه عام وشبه خاص عملت ، فشبهها العام شبهها بالحروف غير المختصة في كونها تلي الأسماء والأفعال. وشبهها الخاص شبهها بليس وذلك أنها للنفي كما أن ليس كذلك ، وداخلة على المبتدأ والخبر كما أن ليس كذلك ، وتخلص الفعل المحتمل للحال كما أن ليس كذلك ، فمن راعى الشبه العام لم يعملها ، وهم بنو تميم ، ومن راعى الشبه الخاص أعملها وهم الحجازيون.
وقال النيلي : الحق أن يقال : الحرف يعمل فيما يختص به ولم يكن مخصصا له ، كلام التعريف وقد والسين وسوف ، لأن المخصص للشيء كالوصف له ، والوصف لا يعمل في الموصوف وهذا أولى من قولهم : ولم ينزل منزلة الجزء منه لأن (أن) المصدرية تعمل في الفعل المضارع وهي بمنزلة الجزء منه لأنها موصولة.
وفي شرح التسهيل لأبي حيان : إنما أعملت (إذن) وإن كانت غير مختصة بالمضارع لشبهها بأن ، كما أعمل أهل الحجاز (ما) إعمال ليس ، وإن كانت غير مختصة بالأسماء لشبهها بها ، ووجه الشبه أن كل واحد منهما حرف آخره نون ساكنة قد دخل على مستقبل ، وبعض العرب ألغى (إذن) مراعاة لعدم الاختصاص ألغى بنو تميم (ما) فلم يعملوها لعدم الاختصاص.
__________________
(١) انظر شرح الأصول (١ / ٦٠).