مضارعتها (إن) كما أعملت (ما) في لغة أهل الحجاز لمضارعتها ليس والأصل أن لا تعمل.
وقال أبو الحسين بن أبي الربيع في (شرح الإيضاح) : اعلم أن الحروف إذا كان لها اختصاص بالاسم أو بالفعل فالقياس أن تعمل فيما تختص به ، فإن لم يكن لها اختصاص فالقياس أن لا تعمل ، فمتى وجدت مختصا لا يعمل أو غير مختص يعمل فسبيلك أن تسأل عن العلة في ذلك فإن لم تجد فيكون ذلك خارجا عن القياس.
وقال : وإذا صحت هذه القاعدة فأقول : إن (ما) النافية ليس لها اختصاص فيجب ألا تعمل ، ولذلك لم يعملها بنو تميم فهي عندهم على القياس ، فلا سؤال في كونها لم تعمل ، لأن الشيء إذا جاء على قياسه وقانونه لا يسأل عنه ، وأما أهل الحجاز فأعملوها لشبهها بليس من وجوه ، وذكر الأوجه السابقة.
وقال أبو حيان في (شرح التسهيل) : أصل عمل الحرف المختص بنوع من المعرب أن يكون مختصا بنوع من الإعراب الذي اختص به ذلك المعرب ، ولذلك لما كان الجزم نوعا من الإعراب مختصا بالمضارع ، والحرف الجازم مختص به أعطي المختصّ للمختصّ ، وكذا القول في حروف الجر ، انتهى.
وقال ابن عصفور في (شرح المقرب) : لم يجئ من الحروف المختصة باسم واحد ما يعمل فيه غير خفض إلا (ألا) التي للتمني ، فإن الاسم المبني معها في موضع نصب بها في مذهب سيبويه ، وذلك نحو قولك : ألا مال ، وسبب ذلك أنها تضمنت معنى ما ينصب وهو تمنيت.
ضابط : ليس في كلامهم حرف يرفع ولا ينصب
قال ابن إياز : ليس في كلامهم حرف يرفع ولا ينصب ، ولهذا بطل قول من قال : إن لو لا هي الرافع للاسم.
وقال الشلوبين : قول من قال : إن أصل عمل الحروف الجر خطأ ، وإنما القول الصحيح أن أصل الحرف أن لا يعمل رفعا ولا نصبا لأن الرفع والنصب إنما هما من عمل الأفعال من حيث كان كل مرفوع فاعلا أو مشبها به ، وكل منصوب مفعولا أو مشبها به ، فإذا عملهما الحرف فإنما يعملهما لشبه الفعل ولا يعمل عملا ليس له بحق الشبه إلا عمل الجر إذا كان مضيفا للفعل أو لما هو في معناه إلى الاسم.
الخامس : وقال السهيلي (١) : أصل الحروف أن تكون عاملة لأنها ليست لها
__________________
(١) انظر بدائع الفوائد (١ / ٣٠).