ويقاس على ما تقدّم (لام التوكيد) وتركهم إعمالها في الجملة ، مع أنها لا تدخل لمعنى في الجملة فقط بل لتربط ما قبلها من القسم بما بعدها.
قال : وهذا الأصل محيط بجميع أصول إعمال الحروف وغيرها من العوامل وكاشف عن أسرار العمل للأفعال وغيرها من الحروف في الأسماء ، ومنبهة على سر امتناع الأسماء أن تكون عاملة في غيرها ، هذا لفظ السهيلي.
وقال الشلوبين : الحروف لا تعمل بما فيها من معنى الأفعال خاصة ، لأنها لو عملت بذلك لعملت الحروف كلها إذ ليس حرف معنى يخلو من معنى الفعل ، فلو عملت بما فيها من معنى الفعل لعملت كلها ، وإنما يعمل منها ما توفرت فيه أشباه الفعل ، كتوفرها في أن وأخواتها وما الحجازية ، ولهذا لم تعمل (يا) في النداء ، لأن تلك الأشباه ليست موجودة فيها.
السادس : قال السهيلي (١) : الفعل لا يعمل في الحقيقة إلا فيما يدلّ عليه لفظه كالمصدر والفاعل والمفعول به ، أو فيما كان تابعا لواحد من هذه نعتا أو توكيدا أو بدلا ، لأن التابع هو الاسم الأول في المعنى فلم يعمل الفعل إلا فيما دلّ عليه لفظه ، لأنك إذا قلت : ضرب ، اقتضى هذا اللفظ ضربا وضاربا ومضروبا ، وما عدا ذلك إنما يصل إليه الفعل بواسطة حرف كالمفعول معه والظرف.
السابع : إذا أمكن نسبة العمل إلى الموجود لم يصر إلى مجاز الحذف ، ومن ثم ضعّف بعضهم قول من قال إن ناصب المعطوف في قول الشاعر : [البسيط]
١٩٧ ـ هل أنت باعث دينار لحاجتنا |
|
أو عبد ربّ أخا عون بن مخراق |
فعل يدل على اسم الفاعل ، وقال : بل الناصب له اسم الفاعل الموجود لأن التنوين فيه مراد ، وإذا أمكن نسبة العمل إلى الموجود لم يصر إلى مجاز الحذف. ذكره في (البسيط).
وقال أيضا : ذهب الكوفيون إلى أن أمثلة المبالغة لا تعمل لأن اسم الفاعل إنما عمل لجريانه على الفعل في حركاته وسكناته ، وهذه غير جارية فوجب امتناع عملها
__________________
(١) انظر بدائع الفوائد (٢ / ١٠٦).
١٩٧ ـ الشاهد لجابر بن رألان أو لجرير أو لتأبط شرا أو هو مصنوع في خزانة الأدب (٨ / ٢١٥) ، ولجرير ابن الخطفى ، أو لمجهول ، أو هو مصنوع في المقاصد النحوية (٣ / ٥١٣) ، وبلا نسبة في الدرر (٦ / ١٩٢) ، والكتاب (١ / ٢٢٧) ، وشرح أبيات سيبويه (١ / ٣٩٥) ، وشرح الأشموني (٢ / ٣٤٤) ، والمقتضب (٤ / ١٥١) ، وهمع الهوامع (٢ / ١٤٥).