والمنصوب بعدها محمول على فعل يفسره الصفة ، قال صاحب البسيط : وهذا ضعيف لأن النص مقدّم على القياس ، وتقدير ناصب غيرها على خلاف الأصل ، فلا يصار إليه ما أمكن إحالة العمل على الموجود.
فائدة : المصدر المؤكد لا يعمل
قال ابن فلاح في (المغني) : المصدر المؤكد لا يعمل لعدم تقديره (بأن) والفعل فإن كان مما التزم حذف فعله كقولهم : سقيا زيدا ورعيا له ، ففيه وجهان :
أحدهما : أن العامل هو الفعل الناصب للمصدر قياسا على غيره من المصادر التي لا تقدر بأن والفعل.
والثاني : أن المصدر هو العامل لنيابته عن الفعل وقيامه مقامه ، ونظير هذا : زيد في الدار واقفا ، هل العامل الظرف لنيابته عن الفعل أو نفس الفعل هو العامل والأكثر على أن العامل الظرف ، انتهى.
الثامن : إذا امتزج بعض الكلمات بالكلمة حتى صار كبعض حروفها تخطاها العامل ، ولذلك تخطى لام التعريف ، وها التنبيه ، في قولك : مررت بهذا (وما) المزيدة في قوله تعالى : (فَبِما رَحْمَةٍ) [آل عمران : ١٥٩] ، (عَمَّا قَلِيلٍ) [المؤمنون : ٤٠] و (لا) في نحو : جئت بلا زاد ، وغضبت من لا شيء ، و (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ) [النساء : ١٦٥] ، و (إِلَّا تَفْعَلُوهُ) [الأنفال : ٧٣].
التاسع : قال الكوفيون : لا يمتنع أن يكون الشيء عاملا في شيء ، والآخر عاملا فيه ، وبنوا على ذلك أن المبتدأ يرفع الخبر والخبر يرفع المبتدأ فهما يترافعان.
قالوا : وإنما قلنا ذلك لأنا وجدنا المبتدأ لا بد له من خبر ، والخبر لا بد له من المبتدأ فلما كان كل واحد منهما لا ينفك عن الآخر ، ويقتضي صاحبه عمل كل واحد منهما في صاحبه.
قالوا : وقد جاء لذلك نظائر :
منها : قوله تعالى : (أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) [الإسراء : ١١٠] فنصب أيا بتدعوا وجزم (تدعو) (بأيا) فكان كل واحد منهما عاملا في الآخر ومثله : (أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ) [النساء : ٧٨] فأينما منصوب بتكونوا وتكونوا مجزوم بأينما ، وذلك كثير في كلامهم.
وقال ابن النحاس في (التعليقة) : حكى ابن جنّي في كتاب له يسمى (الدمشقيات) غير الدمشقيات المشهورة له بين الناس قولا عن الأخفش : إن فعل الشرط وفعل الجواب يتجازمان كما قيل عن مذهب الكوفيين في المبتدأ والخبر.