قريبة من الألف ، قال : وكان قلبها واوا أولى من قلبها ياء ، لأن الياء قريبة من الألف والواو ليست في القرب إليها مثلها ، والجمع بين الأمثال مكروه عندهم ، فكان قلب الهمزة واوا أذهب في أن لا يجمع بين الأمثال من قلبها ياء.
ومن الثاني : حذف أحد مثلي ظللت ومسست وأحسست فقالوا : ظلت ومست وأحست (١) ، وحذف إحدى اليائين من سيّد وميّت وهيّن وليّن ، وقيل : وهو مقيس على الأصحّ ، وقال ابن مالك : يحفظ ولا يقاس. وقال الفارسي : يقاس في ذوات الواو دون ذوات الياء ، وحذف الياء المشدّدة من الاسم المنسوب إليه عند إلحاق ياء النسب كراهة اجتماع الأمثال ككرسيّ وشافعيّ وبختيّ ومرميّ ، إلّا في نحو كساء إذ صغّر ثم نسب إليه فإنه يقال فيه : كسيّيّ بياءين مشدّدتين وستأتي علّته ، وحذف الياء الأخيرة في تصغير نحو غطاء وكساء ورداء وإداوة وغاوية ومعاوية وأحوى ؛ لأنه يقع في ذلك بعد ياء التصغير ياءان فيثقل اجتماع الياءات.
وبيانه : أن ياء التصغير تقع ثالثة فتنقلب ألف المدّ ياء ، وتعود الهمزة إلى أصلها من الياء أو الواو ، وتنقلب ياء لانكسار ما قبلها ، فاجتمع ثلاث ياءات : ياء التصغير وياء بدل ألف المدّ وياء بدل لام الكلمة ، ولفظة غطيي فتحذف الأخيرة لأنها طرف والطرف محل التغيير ، ولأن زيادة الثقل حصلت بها ، ثم تدغم ياء التصغير في المنقلبة عن ألف المدّ ويقال : غطيّ (٢) ، وفي إداوة تقع ياء التصغير بعد الدال فتنقلب الألف ياء وتحذف الياء الأخيرة ، ويقال : (أديّة) (٣) ويقال في غاوية ومعاوية : غويّة ومعيّة ، وفي أحوى (أحيّ) (٤) ، ذكره في البسيط ، ومن ذلك قولهم ، لتضربن يا قوم ولتضربنّ يا هند ، فإن أصله لتضربوننّ ولتضربيننّ ، فحذفت نون الرفع لاجتماع الأمثال ، كما حذفت مع نون الوقاية في نحو (أَتُحاجُّونِّي) [الأنعام : ٨٠] كراهة اجتماعها مع نون الوقاية.
قال ابن عصفور في (شرح الجمل) : والتزم الحذف هنا ولم يلتزم في (أَتُحاجُّونِّي) لأن اجتماعها مع النون الشديدة أثقل من اجتماعها مع نون الوقاية ، لأن النون الشديدة حرفان ونون الوقاية حرف ، وحكم النون الخفيفة حكم النون الثقيلة في التزام حذف علامة الإعراب معها لأنها في معناها ومخففّة منها ، انتهى.
ومن ذلك قال أبو البقاء في (التبيين) : تصغير (٥) ذا ، ذيّا ، وأصله ثلاث ياءات :
__________________
(١) انظر الممتع في التصريف لابن عصفور (٦٦١).
(٢ ـ ٣ ـ ٤) انظر الكتاب (٣ / ٥٢٤).
(٥) انظر المسألة في الكتاب (٣ / ٥٤٠).