قيل : الحذف هنا إنما كان لعارض فأعيد عند زوال العارض.
ومنها : قال (١) ابن يعيش : إذا لحقت تاء التأنيث الفعل المعتل اللام حذفت اللام لالتقاء الساكنين نحو : رمت فإن لقيها ساكن بعدها حركت بالكسر لالتقاء الساكنين نحو رمت المرأة ، ولا يرد الساكن المحذوف إذ الحركة عارضة وكذلك تقول : المرأتان رمتا ، فلا ترد الساكن وإن انفتحت التاء لأنها حركة عارضة ، إذ ليس بلازم أن يسند الفعل إلى اثنين ، فأصل التاء السكون وإنما حركت بسبب ألف التثنية ، وقد قال بعضهم : رماتا ، فرد الألف الساقطة لتحرك التاء وأجرى الحركة العارضة مجرى اللازمة من نحو : قولا وبيعا وخافا وذلك قليل رديء من قبيل الضرورة.
ومنها : قال الشلوبين : النحويون إنما يعقدون أبدا قوانينهم على الأصول لا على العوارض ، ولذلك حدّوا الإعراب بأنه تغيير أواخر الكلم لاختلاف العوامل الداخلة عليها ، ومن الأسماء المعربة ما لا تغيير فيه ولا اختلاف كالمصادر والظروف الملازمة للنصب ، فإن الأصل فيها أن تغير ، لكن منع من ذلك قلة تمكنها ، فهي في حكم ما يتغير نظرا إلى الأصل وإلغاء للعارض.
ومنها : قال الشلوبين : قول من قال : إن الضمة في الخاء من : (جاءني أخوك) هي ضمة الرفع ، وإنها منقولة عن حرف الإعراب ، وكذا الكسرة في : (مررت بأخيك) فاسد وذلك أن فيه كون الإعراب فيما قبل الآخر في الرفع والخفض ، وهذا لا نظير له إلا في الوقف على بعض اللغات فيما قبل آخره ساكن والوقف عارض والعارض لا يعتد به ، وهذا في الوصل والوصل ليس عارضا بل هو الأصل.
ومنها : قال الشلوبين : إنما لحق الفعل علامة التأنيث إذا كان فاعله مؤنثا ، ولم تلحقه علامة التثنية والجمع إذا كان فاعله مثنى ومجموعا. لأن الأكثر لزوم التأنيث فاعتدّوا به ، وعدم لزوم التثنية والجمع فلم يعتدوا به لاعتدادهم باللازم وعدم اعتدادهم بالعارض ، فإنه لا يعتد به في أكثر اللغة.
ومنها : قال (٢) ابن يعيش : قولهم : يضع ويدع ، إنّما حذفت الواو منهما لأن الأصل : يوضع ويودع لأن (فعل) من هذا إنما يأتي مضارعه على يفعل بالكسر ، وإنما فتح في يضع ويدع لمكان حرف الحلق ، فالفتحة إذن عارضة والعارض لا اعتداد به لأنه كالمعدوم فحذفت الواو فيهما لأن الكسرة في حكم المنطوق به.
__________________
(١) انظر شرح المفصّل (٩ / ٢٧).
(٢) انظر شرح المفصّل (١٠ / ٦١).