الفروع قد تكثر وتطرد
حتى تصير كالأصول وتشبه الأصول بها
ذكر ذلك ابن جنّي في (الخصائص) وقال (١) : من ذلك قول ذي الرمّة : [الطويل]
١٩٩ ـ ورمل كأوراك العذارى قطعته |
|
[إذا ألبسته المظلمات الحنادس] |
والعادة أن تشبه أعجاز النساء بكثبان الأنقاء ، فلما كثر ذلك واطرد عكس الشاعر التشبيه فجعل أوراك العذارى أصلا وشبه به الرمل. قال : ولذلك لما كثر تقديم المفعول على الفاعل ، صار وإن كان مؤخرا في اللفظ ، كأنه مقدم في الرتبة فجاز أن يعود الضمير من الفاعل عليه ، وإن كان الفاعل مقدما والمفعول مؤخرا ، كما جاز أن يعود الضمير من المفعول إذا كان مقدما على الفاعل وإن كان مؤخرا في قولنا : ضرب غلامه زيد.
وقال ابن عصفور في (شرح الجمل) : الدليل على أن الفرع هو الذي ينبغي أن تجعل فيه العلامة لا الأصل ، أنهم جعلوا علامة للتثنية والجمع ، ولم يجعلوا علامة للإفراد لما كانت التثنية والجمع فرعين عن الإفراد وكذلك أيضا جعلوا علامة للتصغير ولم يجعلوا علامة للتكبير ، لأن التصغير فرع عن التكبير.
وكذلك أيضا جعلوا الألف واللام علامة للتعريف ولم يجعلوا للتنكير علامة ، لأن التعريف فرع عن التنكير. فإن كان التنكير فرعا عن التعريف جعلوا له علامة لم تكن في التعريف وهي التنوين نحو قولك : سيبويه وسيبويه آخر ، وأشباه ذلك في اللسان كثير.
الفرق
عللوا به أحكاما كثيرة ، منها : رفع الفاعل ، ونصب المفعول ، وضم تاء المتكلم ، وفتح تاء المخاطب وكسر تاء المخاطبة ، وتنوين التمكن دخل للفرق بين ما ينصرف وما لا ينصرف ، وتنوين التنكير دخل للفرق بين النكرة والمعرفة من المبنيات.
__________________
(١) انظر الخصائص (١ / ٣٠٠).
١٩٩ ـ الشاهد لذي الرمّة في ديوانه (١١٣١) ، ولسان العرب (ورك) و (جمل) ، وتاج العروس (ورك).