ومنها : تغيير صيغة الفعل المبني للمفعول فرقا بينه وبين المبني للفاعل ، قال ابن السراج (في الأصول) (١) : وقد جعل بينهما في جميع تصاريف الأفعال ماضيها ومستقبلها وثلاثيها ورباعيها وما فيه زائد منها فروق في الأبنية.
ومنها قال (٢) ابن يعيش : أرادوا الفرق بين البدل والتأكيد ، فإذا قالوا : رأيتك إيّاك ، كان بدلا ، وإذا قالوا : رأيتك أنت ، كان تأكيدا فلذلك استعمل ضمير المرفوع في تأكيد المنصوب والمجرور ، واشترك الجميع فيه كما اشتركن في (نا) وجروا في ذلك على قياس اشتراكها كلها في لفظ واحد.
ومنها : قال أبو الحسن علي بن محمد بن ثابت الخولاني المعروف بالحداد في كتاب (المفيد في معرفة التحقيق والتجويد) : الهاء في هذه ليست من قبيل هاء الضمير ، بدليل امتناع جواز الضم فيها ، وإنما هي هاء تأنيث مشبهة بهاء تذكير ، ومجراها في الصفة مجراها من حيث كانت زائدة وعلامة لمؤنث ، كما أن تلك زائدة وعلامة لمذكر أيضا ، وإنما كسر ما قبلها ، وهاء التأنيث لا يكون ما قبلها إلا مفتوحا لأنها بدل من ياء ، وإنما أبدلت منها الهاء للتفرقة بين (ذي) التي بمعنى صاحب ، وبين ذي التي فيها معنى الإشارة.
ومنها : قال الجزولي : قد يبنى المبني على حركة للفرق بين معنى أداة واحدة.
قال الشلوبين : كالفتحة في أنا ، اسم المتكلم ، لأن الألف إنما هي للوقف فكان حق النون أن تكون ساكنة لأن أصل البناء السكون ، إلا أنا فرقنا بين (أن) إذا كانت أداة للدلالة على المتكلم ، وبين التي تصيّر الفعل في تأويل الاسم ففتحت النون من أداة المتكلم.
ومنها : قال ابن عصفور في (شرح الجمل) وابن النحاس في (التعليقة) : أصل لام الجر أن تكون مفتوحة لكونها مبنيّة على حرف واحد فنحرك بالفتح طلبا للتخفيف وإنما كسرت للفرق بينها وبين لام الابتداء في نحو قولك : لموسى غلام ، ولموسى غلام ، ولذا بقيت مع المضمر على فتحها ، لأنه لا لبس معه لكون الضمير مع لام الابتداء من ضمائر الرفع ، والضمير مع لام الجر من ضمائر الجر ، ولفظ ضمائر الجر وضمائر الرفع مختلف فلا لبس حينئذ. وكان ينبغي على هذا أن تكسر لام المستغاث في نحو : يا لزيد ، لدخولها على الظاهر ، إلا أنهم فتحوها تفرقة بينها وبين
__________________
(١) انظر الأصول (١ / ٨١).
(٢) انظر شرح المفصّل (٣ / ٤٣).