ومنها : أن الفعل يفتقر إلى الفاعل فيثقل ولا كذلك الاسم.
فإن قلت : فإن المبتدأ يحتاج إلى خبر فليكن كاحتياج الفعل إلى فاعله.
قلنا : تعلق الفعل بفاعله أشد من تعلق المبتدأ بخبره ، لأن الفاعل يتنزل منزلة الجزء من الفعل ولا كذلك الخبر من المبتدأ.
ومنها : أن الفعل تلحقه زوائد نحو حروف المضارعة ، وتاء التأنيث ، ونوني التوكيد والضمائر فثقل بذلك.
ومنها : أن الأفعال مشتقة من المصادر والمشتق فرع على المشتق منه فهي إذن فرع على الأسماء والفرع أثقل من الأصل ، انتهى.
فائدة : الأمور التي يعبرون بها عن الفعل
قال ابن هشام (١) : إنهم يعبّرون بالفعل عن أمور.
أحدها : وقوعه ، وهو الأصل.
الثاني : مشارفته ، نحو : (وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَ) [البقرة : ٢٨١] أي : فشارفن انقضاء العدة ، (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ) [النساء : ٩] أي : لو شارفوا أن يتركوا.
الثالث : إرادته ، وأكثر ما يكون ذلك بعد أداة الشرط نحو : (فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ) [النحل : ٩٨] ، (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا) [المائدة : ٦] ، (إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [آل عمران : ٤٧].
الرابع : مقاربته ، كقوله : [الطويل]
٢٠٠ ـ إلى ملك كاد الجبال لفقده |
|
تزول ، وزال الرّاسيات من الصّخر |
أي : تزول الراسيات.
الخامس : القدرة عليه ، نحو : (وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ) [الأنبياء : ١٠٤] أي : قادرين على الإعادة وأصل ذلك أن الفعل يتسبب عن الإرادة والقدرة وهم يقيمون السبب مكان المسبّب وبالعكس.
__________________
(١) انظر مغني اللبيب (٢ / ٧٦٧).
٢٠٠ ـ الشاهد بلا نسبة في شرح شواهد المغني (٢ / ٩٦٤) ، ومغني اللبيب (٢ / ٦٨٨).