إلى ثقلهما اجتماع الأمثال ، وهم يستثقلون اجتماع الأمثال ، قال : والأمثال التي اجتمعت هنا هي الحركة التي في الياء والواو والحركة التي قبلهما ، والياء والواو مضارعتان للحركات لأنهما من جنسها ألا ترى أنهما ينشآن عن إشباع الحركات ، فلما اجتمعت الأمثال خفّفوا بأن أسقطوا الحركة المستثقلة.
قال : ويدلّ على صحة هذه العلّة أنهم إذا سكّنوا ما قبل الواو والياء في نحو : غزو وظبي لم يستثقلوا الضمّة لأنه قد قلّت الأمثال هناك لكون ما قبل الواو والياء ساكنا لا متحركا فاحتملوا ما بقي من الثقل لقلته. ومن ذلك قال ابن عصفور : لم تدخل النون الخفيفة على الفعل الذي اتصل به ضمير جمع المؤنث لأنه يؤدّي إلى اجتماع المثلين وهو ثقيل فرفضوه لذلك ، ولم يمكنهم الفصل بينهما بالألف ؛ فيقولون هل تضربنان لأن الألف إذا كان بعدها ساكن غير مشدّد حذفت ، فيلزم أن يقال هل تضربنن فتعود إلى مثل ما فررت منه ، فلذلك عدلوا عن إلحاق الخفيفة وألحقوا الشديدة ، وفصلوا بينها وبين نون الضمير بالألف كراهية اجتماع الأمثال فقالوا هل تضربنانّ.
قال ابن فلاح في (المغني) : فإن قيل قد وجد اجتماع الأمثال في نحو زيديّ من غير استثقال ، قلنا : ياء النسب بمنزلة كلمة مستقلة.
وقال ابن الدهان في (الغرة) : إذا كنا قد استثقلنا الأمثال في الحروف الصحاح حتى حذفنا الحركة وأدغمنا ، ومنه ما حذفنا أحد الحرفين ، ومنه ما قلبنا أحد الحروف. فمثال الأولى : مدّ وأصله : مدد. ومثال الثاني : ظلت وأصله ظللت. ومثال الثالث : [الرجز]
٦ ـ تقضّي البازي [إذا البازي كسر]
وأصله (تقضّض) ، فالأولى أن نستثقلها في الحروف المعتلّة ، فإن اعترض (بزيديّ) واجتماع الأمثال ياءات وكسرات ـ فالجواب : إنّ ياء النسب في تقدير الطّرح كتاء التأنيث.
ومن كراهة اجتماع المثلين فتح : من الرجل (الم اللهُ) [آل عمران : ١] لتوالي الكسرتين ولهذا لم يفتحوا عن الرجل.
__________________
٦ ـ الشاهد للعجاج في ديوانه (١ / ٤٢) ، وأدب الكاتب (٤٨٧) ، وإصلاح المنطق (٣٠٢) ، والدرر (٦ / ٢٠) ، وشرح المفصّل (١٠ / ٢٥) ، والممتع في التصريف (١ / ٣٧٤) ، وبلا نسبة في الخصائص (٢ / ٩٠) ، وشرح الأشموني (٣ / ١٧٩) ، والمقرّب (٢ / ١٧١) ، وهمع الهوامع (٢ / ١٥٧) ، ومقاييس اللغة (٤ / ٢١) ، والمخصّص (٨ / ١٣٢) ، وتهذيب اللغة (٨ / ٢٥٢).