حرف اللام
اللّبس محذور
ومن ثم وضع له ما يزيله إذا خيف واستغني عن لحاق نحوه إذا أمن.
فمن الأول : الإعراب ، إنما وضع في الأسماء ليزيل اللبس الحاصل فيها باعتبار المعاني المختلفة عليها ، ولذلك استغني عنه في الأفعال والحروف والمضمرات والإشارات والموصولات لأنها دالة على معانيها بصيغها المختلفة فلم تحتج إليها ، ولما كان الفعل المضارع قد تعتوره معان مختلفة كالاسم دخل فيه الإعراب ليزيل اللبس عند اعتوارها.
ومنه رفع الفاعل ونصب المفعول فإن ذلك لخوف اللبس منهما لو استويا في الرفع أو في النصب.
ومن ذلك قال في (البسيط) : يضاف اسم الفاعل المتعدّي إلى المفعول دون الفاعل ، لأن إضافته إلى الفاعل والمفعول تفضي إلى اللّبس لعدم تعين المضاف إليه فالتزم إضافته إلى المفعول ليحصل بذلك تعين المضاف إليه ، بخلاف الصفة المشبهة واسم الفاعل من اللازم فإنه لا لبس في إضافته إلى فاعله لتعينه فجازت إضافته لذلك.
ومن ذلك قال في (البسيط) : كان قياس اسم المفعول من الثلاثي نحو : ضرب وقتل على مفعل ، بأن يقال : مضرب ومقتل ليكون جاريا على يضرب ويقتل ، إلا أنه عدل عنه إلى مفعول لئلا يلتبس باسم المفعول من أفعل نحو : مكرم ومضرب ، من أكرم وأضرب ، وخصّ الثلاثي بالزيادة لقلّة حروفه.
ومن ذلك قال في (البسيط) : قياس التفضيل في أفعل أن يكون على الفاعل نحو : زيد فاضل وعمرو أفضل منه ، لا على المفعول نحو : خالد مفضول وبكر أفضل منه ، لأنهم لو فضلوا على الفاعل والمفعول لالتبس التفضيل على الفاعل بالتفضيل على المفعول فلمّا كان يفضي إلى اللبس كان التفضيل على الفاعل أولى لأنّه كالجزء من الفعل ، والمفعول فضلة فكان التفضيل على ما هو كالجزء أولى من التفضيل على الفضلة.