ومن ذلك قال في (البسيط) : الجمهور على أن الصرف عبارة عن التنوين وحده ، وعلة منع الصرف إنما أزالت التنوين خاصة ، وليس الجر من الصرف ، وإنما حذف مع التنوين كراهة أن يلتبس بالإضافة إلى ياء المتكلم ، لأنه حكى حذف ياء المتكلم وإبقاء الكسرة في غير النداء قال : [الكامل]
٢٠٧ ... |
|
شرقت دموع بهنّ فهي سجوم |
وكراهة أن يلتبس بالمبنيات على الكسر نحو (حذام).
ومن ذلك قال في (البسيط) : فائدة العدل في الأعلام خفة اللفظ ، ورفع لبس الصفة لأن فاعلا أصل وضعه الصفة ، فإذا عدل إلى (فعل) زال ذلك اللبس.
وقال : تكسير الصفة ضعيف لأنها إذا كسرت التبس فيها صفة المذكر بصفة المؤنث في بعض الصور عند حذف الموصوف نحو : قامت الصعاب تحتمل الرجال والنساء ، وإذا جمعت بالواو والنون أو الألف والتاء انتفى اللبس.
ومن ذلك : يجوز أن يقال في النداء يا أبت ويا أمت بحذف ياء الإضافة وتعويض التاء عنها.
قال ابن يعيش (١) : ولا تدخل هذه التاء عوضا فيما له مؤنث من لفظه لو قلت في يا خالي ويا عمي : يا خالة ويا عمة ، لم يجز ، لأنه كان يلتبس بالمؤنث ، فأما دخول التاء على الأم فلا إشكال لأنها مؤنثة ، وأما دخولها على الأب فلمعنى المبالغة من نحو راوية وعلامة. ومن ذلك قولهم (٢) : لله دره من فارس ، وحسبك به من ناصر.
قال ابن يعيش : فإن قيل : كيف جاز دخول من هنا على النكرة المنصوبة مع بقائها على إفرادها ولا يقال : هو أفره منك من عبد ، ولا عندي عشرون من درهم ، بل يردّ إلى الجمع عند ظهور (من) ، نحو من العبيد ، ومن الدراهم ، فالجواب أن هذا الموضع ربما التبس فيه التمييز بالحال فأتوا بمن لتخلصه للتمييز.
ومن ذلك قال ابن يعيش (٣) : إنما أتي بالمضمرات كلها لضرب من الإيجاز واحتراسا من الإلباس ، أما الإيجاز فظاهر لأنك تستغني بالحرف الواحد عن الاسم بكماله فيكون ذلك الحرف كجزء من الاسم ، وأما الإلباس فلأن الأسماء الظاهرة
__________________
(١) انظر شرح المفصل (٢ / ١١).
(٢) انظر شرح المفصّل (٢ / ٧٣).
(٣) انظر شرح المفصّل (٣ / ٨٤).