وقال الصفار (١) : إنما فرّ الأخفش من حذف العائد في نحو : «الذي رأيته نفسه زيد» لأن المقتضى لحذفه الطول ، ولهذا لا يحذف في نحو : (الذي هو قائم زيد) فإذا فروا من الطول فكيف يؤكدون؟ وأما حذف الشيء لدليل وتوكيده فلا تنافي بينهما ، لأن المحذوف للدليل ، كالثابت ، ولبدر الدين بن مالك مع والده في المسألة بحث أجاد فيه. انتهى ما أورده ابن هشام في المغني.
والبحث الذي أشار إليه هو ما قال ابن المصنف في شرح الألفية : وقال ابن النحاس في (التعليقة) : إذا كان للفعل مفعولات أقيم مقام الفاعل المفعول المصرح لفظا وتقديرا دون المصرح لفظا فقط. وكذلك عمل الفرزدق في قوله : [الطويل]
٢١١ ـ ومنّا الذي اختير الرّجال سماحة |
|
[وجودا إذا هبّ الرياح الزعازع] |
فأقام المصرح وهو الضمير المستتر في اختير ، ونصب غير المصرح وهو الرجال ، ولا تحفل بقول من قال : يجوز إقامة أيهما شئت ، وذلك أن القاعدة أن المحذوف المنوي كالملفوظ به وهاهنا حرف الجر المحذوف مراد ، فلو ظهر لم يجز إلا إقامة المصرح فكذلك إذا كان مرادا انتهى.
وقال ابن فلاح في (المغني) : أهل الحجاز يحذفون خبر (لا) كثيرا ، وإنما يحذف للعلم به وهو مراد فهو في حكم المنطوق.
ما كان كالجزء من متعلقه لا يجوز تقدمه عليه
كما لا يتقدم بعض حروف الكلمة عليها
وفيه فروع :
الأول : الصلة لا تتقدم على الموصول ، ولا شيء منها لأنها بمنزلة الجزء من الموصول.
الثاني : الفاعل لا يتقدم على فعله ، لأنه كالجزء منه.
الثالث : الصفة لا تتقدم على الموصوف ، لأنها من حيث أنها مكملة له ومتممة ، أشبهت الجزء منه.
__________________
(١) انظر المغني (٢ / ٦٧٤).
٢١١ ـ الشاهد للفرزدق في ديوانه (١ / ٤١٨) ، والكتاب (١ / ٧٤) ، وخزانة الأدب (٩ / ١١٣) ، والدرر (٢ / ٢٩١) ، وشرح أبيات سيبويه (١ / ٤٢٤) ، وشرح شواهد المغني (١ / ٢٢) ، ولسان العرب (خير) ، وبلا نسبة في شرح المفصّل (٨ / ٥١) ، والمقتضب (٤ / ٣٣٠) ، وهمع الهوامع (١ / ١٦٢).