الخامس : قال أبو حيان في (الارتشاف) : زعم قوم منهم الكسائي أن (أمس) ليس مبنيا ولا معربا بل هو محكي من فعل الأمر من إلا مساء ، فإذا قلت : جئت أمس ، فمعناه : اليوم الذي كنت تقول فيه أمس.
الباب الثاني
باب المنصرف وغير المنصرف
قيل : إن بينهما واسطة لا توصف بالصرف ولا بعدمه. قال ابن جنّي في الباب المشار إليه (١) : ومن ذلك ما كانت فيه اللام أو الإضافة نحو : الرجل وغلامك ، وصاحب الرجل ، فهذه الأسماء كلها وما كان نحوها لا منصرفة ولا غير منصرفة ، وذلك أنها ليست بمنونة فتكون منصرفة ولا مما يجوز للتنوين حلوله للصرف ، فإذا لم يوجد فيه كان عدمه منه أمارة لكونه غير منصرف كأحمد وعمر.
وكذلك التثنية والجمع على حدّها ، ليس شيء من ذلك منصرفا ولا غير منصرف ، معرفة كان أو نكرة من حيث كانت هذه الأسماء ليس مما ينوّن مثلها ، فإذا لم يوجد فيها التنوين كان ذهابه عنها أمارة لترك صرفها.
وقال صاحب (البسيط) : من قال : المنصرف ما ليس فيه علّتان من العلل التسع. وغير المنصرف ما فيه علتان ، وتأثيرهما منع الجر والتنوين لفظا أو تقديرا ، فقد حصر المنصرف وغير المنصرف ودخل في القيد التثنية والجمع والأسماء الستة وما فيه اللام والمضاف في غير ما لا ينصرف فيكون على هذا (رجلان) اسم امرأة غير منصرف لوجود العلتين ، وتثنية رجل منصرفا لعدم العلتين. وأما من قال : المنصرف ما دخله الحركات الثلاث والتنوين ، وغير المنصرف ما لم يدخله جر ولا تنوين ، فإن التثنية والجمع والمعرف باللام والإضافة تخرج عن الحصر ، فلذلك ذكرها صاحب (الخصائص) مرتبة ثالثة لا منصرفة ولا غير منصرفة.
وقال أبو علي : ما دخله اللام أو الإضافة من باب ما لا ينصرف لا أقول فيه بصرف ولا بعدمه ، فلا أقول : إنه منصرف ، لأن المانع من الصرف موجود فيه وهو شبه الفعل ، وليس اللام أو الإضافة ، بسالبة إياه شبه الفعل. ولا أقول : إنه غير منصرف لأن امتناع التنوين عنه ليس لكونه لا ينصرف ، وإنما هو لدخول الألف واللام عليه فإنها مانع من التنوين.
__________________
(١) انظر الخصائص (٢ / ٣٥٧).