وهجمت على القوم وهجمت غيري عليهم أيضا ، وعفا الشيء : كثر ، وعفوته كثّرته ، وفغر فاه وفقر فوه ، وشحا فاه وشحا فوه ، وعثمت يده ، وعثمتها أي : جبرتها على غير استواء ، ومد النهر ومددته ، قال تعالى : (وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ) [لقمان : ٢٧] ، وقال الشاعر : [الرجز]
٢٤١ ـ [إلى فتى فاض أكفّ الفتيان] |
|
ماء خليج مدّه خليجان |
وسرحت الماشية ، وسرحتها ، وزاد الشيء وزدته ، وذرا الشيء وذروته أطرته ، وخسف المكان ، وخسفه الله ، ودلع لساني ودلعته ، وهاج القوم ، وهجتهم ، وطاخ الرجل وطخته ـ أي : لطخته بالقبيح ـ في معنى أطخته ، ووفر الشيء ووفرته ، وقال الأصمعي : رفع البعير ورفعته في السير المرفوع ـ : وقالوا : نفى الشيء ونفيته أي : أبعدته ، قال القطامي : [الطويل]
٢٤٢ ـ فأصبح جاراكم قتيلا ونافيا |
|
[أصمّ فزادوا في مسامعه وقرا] |
ونحوه : نكزت البئر ونكزتها ، أي : أقللت ماءها ، ونزفت ونزفتها.
فهذا كله شاذ عن القياس وإن كان مطردا في الاستعمال إلا أن له عندي وجها لأجله جاز ، وهو أن كل فاعل غير القديم سبحانه فإنما الفعل منه شيء أعيره وأعطيه وأقدر عليه ، فهو وإن كان فاعلا فإنه لما كان معانا مقدرا صار كأن فعله لغيره ، ألا ترى إلى قوله تعالى : (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى) [الأنفال : ١٧] وقد قال قوم ـ يعني أهل السنة فإن ابن جنّي كان معتزليا كشيخه الفارسي ـ : إن الفعل لله وإن العبد مكتسب ، فلما كان قولهم : غاض الماء وغضته ، أن غيره أغاضه ، وإن جرى لفظ الفعل له ، تجاوزت العرب ذلك إلى أن أظهرت هناك فعلا ، بلفظ الأول متعديا ، لأنه قد كان فاعله في وقت فعله إياه إنما هو معان عليه فخرج اللفظان لما ذكرناه خروجا واحدا فاعرفه ، انتهى.
ورود الشيء على خلاف العادة
قال ابن جنّي (٣) : المعتاد المألوف في اللغة أنه إذا كان فعل غير متعد كان
__________________
٢٤١ ـ الرجز لأبي النجم في كتاب العين (٤ / ١٦١) ، وبلا نسبة في لسان العرب (خلج) ، وتهذيب اللغة (٧ / ٦٠) ، وتاج العروس (خلج) ، والمخصص (١٠ / ٣٢) ، وأساس البلاغة (مدد).
٢٤٢ ـ الشاهد للقطامي في لسان العرب (نفى) ، وتهذيب اللغة (١٥ / ٤٧٦) ، وتاج العروس (نفى) ، وليس في ديوانه ، وللأخطل في ديوانه (ص ٣١٥) ، وبلا نسبة في ديوان الأدب (٤ / ٨٦).
(١) انظر الخصائص (٢ / ٢١٤).