ذكر هذه القاعدة ابن جني في (سر الصناعة) قال (١) : ألا تر أن من قال من العرب في الوقف : هذا بكر ، ومررت ببكر ، فنقل ، فنقل الضمة والكسرة إلى الكاف في الوقف ، فإنه إذا وصل أجري الأمر على حقيقته فقال : هذا بكر ومررت ببكر ، وكذلك من قال في الوقف : هذا خالد ، فإنه إذا وصل خفف اللام ، قال : وبذلك استدل على أن التاء في نحو قائمة هي الأصل والهاء في الوقف بدل منها.
وقال ابن القيم في (البدائع) (٢) : الوصلات في كلامهم التي وصفوها للتوصل بها إلى غيرها خمسة أقسام :
أحدها : حروف الجر وضعوها ليتوصلوا بالأفعال إلى المجرور بها ، ولولاها لما نفذ الفعل إليها ولا باشرها.
الثاني : حرف (ها) التي للتنبيه ، وضعت ليتوصل بها إلى نداء ما فيه أل.
الثالث : ذو ، وضعوه وصلة إلى وصف النكرات بأسماء الأجناس غير المشتقة.
الرابع : الذي ، وضعوه وصلة إلى وصف المعارف بالجمل ولولاها لما جرت صفات عليها.
الخامس : الضمير الذي يربط الجمل الجارية على المفردات أحوالا وأخبارا وصفات وصلات ، فإن الضمير هو الوصلة إلى ذلك.
وضع الشيء موضع الشيء أو إقامته مقامه لا يؤخذ بقياس
ذكر هذه القاعدة ابن عصفور في (شرح الجمل) ، وبنى عليها أن الصحيح أن الإغراء وهو وضع الظرف أو المجرور موضع فعل الأمر لا يجوز إلا فيما سمع عن العرب نحو : عليك ، وعندك ، ودونك ، ومكانك ، ووراءك ، وأمامك ، وإليك ، ولدنك ، ورد قول من أجاز الإغراء لسائر الظروف والمجرورات ، وبني عليها أيضا أن المصدر الموضوع موضع اسم الفاعل أو اسم المفعول لا يطرد بل يقتصر على ما سمع منه.
وضع الحروف غالبا لتغيير المعنى لا اللفظ
ذكر هذه القاعدة ابن عمرون ، وبنى عليها ترجيح قول من قال : إن (لم) دخلت على المضارع فقلبت معناه إلى الماضي ، وتركت لفظه على ما كان عليه ، وضعف قول من قال : إنها دخلت على الماضي فقلبت لفظه إلى المضارع وتركت المعنى على ما كان عليه.
__________________
(١) انظر سرّ صناعة الإعراب (١ / ١٧٦).
(٢) انظر بدائع الفوائد (١ / ١٢٨).