وينبغي أن يترجّح مذهبنا لأنه قد ثبت حرف الجرّ محذوفا وعمله مبقى في نحو (خير عافاك الله) وفي مذهبه ادّعاء فتح اللام ، ونحن نبقي الكلام على ظاهره ، وأيضا فإن الذين يفتحون اللام الجارة قوم بأعيانهم ، لا يفعل ذلك غيرهم. وجميع العرب يقولون : (لاه أبوك) بالفتح فدلّ على أنها ليست الجارة ، إذ لو كانت الجارة لما فتحها إلا من لغته أن يقول : المال لزيد ولعمرو فهذا يؤيّد ما ذهبنا إليه ، انتهى.
الثالث والثلاثون : (الآن) أصله : أوان ، ثم قيل : حذفت الألف بعد الواو وقلبت الواو ألفا ، وقيل : بل حذفت الواو وبقيت الألف بعدها فوقعت بعد الهمزة.
حكاهما في (البسيط).
فصل من نظائر ذلك وهو عكس القاعدة
قال أبو حيان : اختلف النحويون في أي الحرفين من المضاعف هو الزائد ، فذهب الخليل إلى أن الزائد هو الأول فاللام الأولى من (سلّم) هي الزائدة ، وكذلك الزاي الأولى من (فلّز) (١) ، وذهب يونس فيما ذكره الفارسي عنه إلى أن الثاني هو الزائد.
حجّة الخليل : أن المثل الأول قد وقع موقعا يكثر فيه أمهات الزوائد وهي الياء والواو والألف ، ألا ترى أنها تقع زائدة ساكنة ثانية نحو : حوقل وصيقل وكاهل ، وثالثة نحو : كتاب وعجوز وقضيب ؛ فإذا جعلنا الأولى من سلم وفلز زائدة كانت واقعة موقع هذه الحروف ، وكذلك في قردد وما أشبه مما تحرك فيه المضاعفان ، الأول هو الزائد عند الخليل.
وحجة يونس : أن المثل الثاني يقع موقعا يكثر فيه أمهات الزوائد ، ألا ترى أن الواو والياء تزادان متحركتين نحو : جهور وعثير ، ورابعين نحو : كنهور وعفرية ، فإذا كان الثاني من سلّم وفلز زائدا كان واقعا موقع هذين الحرفين.
قال أبو حيان : ولا حجّة فيما استدلّ به الخليل ويونس لأنه ليس فيه أكثر من التأنيس وبالإتيان بالنظير ، وأما سيبويه فقد حكم بأن الثاني هو الزائد ، ثم قال بعد ذلك : وكلا الوجهين صواب ومذهب ، فهذا يدلّ على احتمال الوجهين.
واختلف في الصحيح ، فذهب الفارسي إلى أن الصحيح مذهب سيبويه ، واستدلّ على ذلك بوجود اسحنكك واقعنسس وشبههما في كلامهم ، قال : وذلك أن النون في افعنلل من الرباعي لم توجد قطّ إلا بين أصلين نحو : احرنجم ، فينبغي أن
__________________
(١) في نسخة (بلّز).