بسم الله الرّحمن الرّحيم
وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم
مقدّمة المؤلف :
سبحان الله المنزّه عن الأشباه والنّظائر ، والحمد لله المتفضّل بغفران الكبائر والصغائر ، ولا إله إلا الله وحده لا شريك له العالم بما في الضمائر ، والله أكبر من أن يضاف إليه سمة حدث أو يحاط بإشارة مشير أو عبارة عابر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله في جميع الموارد والمصادر. والصلاة والسّلام على رسوله محمد المنسوب إليه جموع الفضائل والمفاخر ، المذكور في كتب الله تعالى بأشرف الأسماء والألقاب والنعوت والمآثر ، وعلى آله الطيّبين الأماثل وصحبه النجوم الزواهر.
العربية أول فنون المؤلف : أما بعد ، فإنّ الفنون العربية على اختلاف أنواعها هي أول فنوني ، ومبتدأ الأخبار التي كان في أحاديثها سمري وشجوني ، طالما أسهرت في تتبع شواردها عيوني ، وأعملت فيها بدني إعمال المجدّ ما بين قلبي وبصري ويدي وظنوني.
ولم أزل من زمن الطلب أعتني بكتبها قديما وحديثا ، وأسعى في تحصيل ما دثر منها سعيا حثيثا ، إلى أن وقفت منها على الجمّ الغفير ، وأحطت بغالب الموجود مطالعة وتأمّلا بحيث لم يفتني منها سوى النّزر اليسير ، وألّفت فيها الكتب المطوّلة والمختصرة ، وعلّقت التعاليق ما بين أصول وتذكرة ، واعتنيت بأخبار أهلها وتراجمهم وإحياء ما دثر من معالمهم وما رووه أو رأوه ، وما تفرّد به الواحد منهم من المذاهب والأقوال ضعّفه الناس أو قوّوه ، وما وقع لهم مع نظرائهم وفي مجالس خلفائهم وأمرائهم ، من مناظرات ومحاورات ، ومجالسات ومذاكرات ، ومدارسات ومسايرات ، وفتاو ومراسلات ، ومعاياة ومطارحات ، وقواعد ومناظيم ، وضوابط وتقاسيم ، وفوائد وفرائد ، وغرائب وشوارد ، حتى اجتمع عندي من ذلك جمل ، ودوّنتها رزما لا أبالغ وأقول : وقر جمل.
وكان مما سوّدت من ذلك كتاب ظريف ، لم أسبق إلى مثله ، وديوان منيف لم