به من تذكير أو تأنيث ، ألا ترى أن لفظ (هند) لما أريد به المؤنّث كان هو مؤنثا ، ولفظ (زيد) لما أريد به المذكّر كان هو مذكرا.
اقتضاء الموضع لفظا : وهو معك إلا أنه ليس بصاحبك
ترجم على ذلك ابن جنّي في (الخصائص) وأورد فيه فروعا (١) : منها قولهم : لا رجل عندك ، فإن (لا) هذه ناصبة لاسمها وهو مفتوح ، إلا أن الفتحة فيه ليست فتحة النصب التي تتقاضاها (لا) بل هي فتحة بناء وقعت موقع فتحة الإعراب الذي عمل عمل (لا) في المضاف. قال : وأصنع من ذلك قولك : لا خمسة عشر لك. فهذه الفتحة التي في راء (عشر) فتحة بناء التركيب في هذين الاسمين ، وهي واقعة موقع فتحة البناء في قولك : لا رجل عندك ، وفتحة لام رجل واقعة موقع فتحة الإعراب في قولك : لا غلام رجل عندك ؛ ويدل على أن فتحة خمسة عشر هي فتحة تركيب الاسمين لا التي تحدثها (لا) ، لأن خمسة عشر لا يغيّرها العامل الأقوى ، أعني الفعل في نحو : جاءك خمسة عشر ، والجارّ في مررت بخمسة عشر ، فإذا كان العامل الأقوى لا يؤثر فيها فالعامل الأضعف الذي هو (لا) أولى.
ومنها قولهم : مررت بغلامي ، فالميم تستحق جرّة الإعراب بالباء والكسرة فيها ليست الموجبة بحرف الجرّ ، بل هي التي تصحب ياء المتكلم في الصحيح ، ويدلّ لذلك ثباتها في الرفع والنصب ، نحو : هذا غلامي ورأيت غلامي ، وهذا يؤذن أنها ليست كسرة الإعراب وإن كانت بلفظها.
ومنها قولك : يسعني حيث يسعك ، فالضمّة في حيث ضمة بناء واقعة موقع ضمة رفع الفاعل ، فاللفظ واحد والتقدير مختلف.
ومنها قولك : جئتك الآن ، فالفتحة فتحة بناء (الآن) ، وهي واقعة موقع فتحة نصب الظرف.
ومنها قولك : كنت عندك في أمس ، فالكسرة كسرة بناء وهي واقعة موقع كسرة الإعراب المقتضية الجرّ.
ومنها قوله : [الطويل]
٤١ ـ وإنّي وقفت اليوم والأمس قبله |
|
ببابك حتّى كادت الشّمس تغرب |
__________________
(١) انظر الخصائص (٣ / ٥٦) ، بتصرّف.
٤١ ـ الشاهد لنصيب في ديوانه (ص ٩) ، ولسان العرب (أين) و (أمس) ، وبلا نسبة في الإنصاف (ص ٣٢٠) ، والدرر (٣ / ١٠٩) ، والخصائص (١ / ٣٩٤) ، وشرح شذور الذهب (ص ١٣١) ، والصاحبي في فقه اللغة (ص ١٤٣) ، ولسان العرب (لوم) ، والمحتسب (٢ / ١٩٠) ، وهمع الهوامع (١ / ٢٠٩).