روى قوله (والأمس) بالنصب على الإعراب لأنه لما عرّفه باللام الظاهرة زال عنه تضمّنها فأعرب ، وبالكسر على البناء المعهود فيه ، واللام فيه زائدة ، فإنما يعرف الأمس بلام أخرى مرادة غير هذه مقدرة ، وهذه الظاهرة ملغاة زائدة للتوكيد.
قال : ومثله مما يعرف بلام مرادة ، وفيه لام أخرى غيرها زائدة ، قولك (الآن) فهو معرّف بلام مقدرة ، وهذه الظاهرة فيه زائدة كما ذكره أبو علي.
الإلغاء
فيه فوائد :
الأولى : قال في (الإيضاح) : حقيقته ترك المعنى مع التسليط نحو : زيد قائم ظننت.
قال : وأما قول النحويين في نحو : إنّ زيدا إذن يكرمك ، أن (إذن) ألغيت عنه العمل ففيه تجوّز حيث سمّوه : الإلغاء ، لأن (يكرمك) في المثال خبر ، وما دخلت عليه (إذن) محذوف كجواب (إن) في نحو : زيد إن قمت يقوم ، لأن ما يطلب جوابا لا بدله منه لفظا أو تقديرا ، فكيف يصحّ أن يقال ألغي عنه وهو لم يدخل عليه ولا توجه حكمه عليه ، لكن النحويين تجوزوا في ذلك فسموه إلغاء من حيث دخل على فعل قد يعمل فيه في موضع مّا على وجه مّا فلم يعمل فيه. قال : ويدلّ على هذا أنك إذا قلت : أنا أكرمك إذن ، كيف يصحّ تسليط إذن على ما قبلها ، وإنما حذف جوابها لدلالة ما تقدم عليه ، انتهى.
الثانية : قال أبو حيان : لا ينكر الإلغاء معاني الألفاظ كما يتأوّل في الشيء ما لا يكون في أصله.
وأما إلغاء العمل فلا يكون إلّا فيما لا يكون أصله العمل وهو سماع في الأفعال فأجري في الحروف إذا لم يلغ منها إلا ما كفّ.
الثالثة : نظير باب (ظنّ وأرى) في الإلغاء عند التأخّر وفي التوسط دونه (إذن) فإنها تلغى إذا تأخّرت فلا تنصب بحال ، نحو : أكرمك إذن ، وتلغى في التوسط في أكثر صورها ، وذلك إذا توسطت بين الشرط وجزائه نحو : إن تزرني إذن أكرمك ، أو بين القسم وجوابه نحو : إذن والله لأكرمنّك ، أو بعد عاطف على ما له محلّ من الإعراب نحو : إن تزرني أزرك ، وإذن أحسن إليك ، فإن كان العطف على ما لا محلّ له بأن تقدره في المثال على جملة الشرط جاز حينئذ الإلغاء رعيا لحرف العطف والإعمال ؛ لأن المعنى على استئناف ما بعد حرف العطف لكنه قليل ، والأكثر في