لسان العرب إلغاؤها ، وكذا إذا توسّطت بين مبتدأ وخبر نحو : زيد إذن يكرمك ، جاز الإلغاء والإعمال ؛ بقلّة عند الكوفيين ، واختاره ابن مالك. ومذهب البصريين أنه يتحتم الإلغاء كما يتحتم في الصور السابقة.
ونظير آخر رأيته في (الخاطريات) لابن جني ، قال (١) : إذا كانت العين حرف علّة وليت همزة حفظت نفسها في موضعها نحو : قائم وقويئم ، وكذا إن تقدّمت نحو : آدر وأدؤر ، فإن تأخرت لم تحفظ نفسها نحو : شائك وشاك ، ولائت ولات ، وذلك أنها لما تأخرت ضعفت فلم تقو على حفظ نفسها.
الرابعة : قال (٢) ابن يعيش : الإلغاء ثلاثة أقسام : إلغاء في اللفظ والمعنى وإلغاء في اللفظ دون المعنى والعكس ، فالأول : مثل (لا) في (لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ) [الحديد : ٢٩]. والثاني : نحو (كان) في (ما كان أحسن زيد). والثالث : حروف الجرّ الزوائد نحو : (كَفى بِاللهِ شَهِيداً) [النساء : ٧٩].
الأمثال لا تغيّر
من ذلك قولهم في مثل : (شرّ أهرّ ذا ناب) (٣) فابتدأوا بالنكرة وجرى مثلا فاحتمل ، والأمثال تحتمل ولا تغير ، ومثله قولهم في المثل : (شيء ما جاء بك) يقوله الرجل لرجل جاءه ومجيئه غير معهود في ذلك الوقت.
ومن ذلك قولهم في المثل : (في أكفانه لفّ الميت) (وفي بيته يؤتى الحكم) (٤) بتقديم الخبر ، وفيه ضمير يعود على المبتدأ المتأخر.
ومن ذلك قولهم : (أصبح ليل) (٥) و (أطرق كرا) (٦) بحذف حرف النداء من النكرة لأنها أمثال معروفة فجرت مجرى العلم في حذف حرف النداء منها. قال المبرد : الأمثال يستجاز فيها ما لا يستجاز في غيره لكثرة الاستعمال لها.
__________________
(١) انظر الخاطريات (ص ٨٤).
(٢) انظر شرح المفصّل (٧ / ١٥٠).
(٣) انظر مجمع الأمثال (٣٧٠) ، والأصل فيه ما أهرّ ذا ناب الأشر ، وذو الناب : السبع ، يضرب في ظهور إمارات الشرّ ومخايله.
(٤) انظر مجمع الأمثال (٢ / ٧٢).
(٥) انظر شرح المفصّل (٢ / ١٦).
(٦) انظر الكتاب (٤ / ٩٢) ، وجمهرة اللغة (٧٥٧) ، وزهر الأكم (٢ / ٣٨) ، ولسان العرب (حزق) ، و (طرق) ، و (زول) ، وهو برواية : (أطرق كرا إن النعام في القرى) ، في جمهرة الأمثال (١ / ١٩٤) ، وخزانة الأدب (٢ / ٣٧٤) ، والمستقصى (١ / ٢٢١) ، ومجمع الأمثال (١ / ٤٣١).