في المبدل منه ، بدليل أن التاء في بنت وأخت بدل من لام الكلمة وتدلّ على التأنيث.
وقال (١) ابن يعيش : البدل على ضربين : بدل هو إقامة حرف مقام حرف غيره نحو : تاء تخمة وتكأة ؛ وبدل هو قلب الحرف بنفسه إلى لفظ غيره على معنى إحالته إليه ، وهذا إنما يكون في حروف العلة التي هي الواو والياء والألف ، وفي الهمزة أيضا لمقارنتها إياها وكثرة تغيرها وذلك نحو : قام ، أصله قوم ، فالألف واو في الأصل وموسر أصله الياء ، ورأس وآدم أصل الألف الهمزة ، وإنما ليّنت همزتها فاستحالت ألفا ، فكلّ قلب بدل وليس كل بدل قلبا.
وقال ابن جني في (الخصائص) (٢) ، باب في فرق بين العوض والبدل : جماع ما في هذا أنّ البدل أشبه بالمبدل منه من العوض بالمعوض منه ، وإنما يقع البدل في موضع المبدل منه والعوض لا يلزم فيه ذلك. ألا تراك تقول في الألف من (قام) إنها بدل من الواو التي هي عين الفعل ، ولا تقول فيها إنها عوض منها. وكذلك يقال في واو (جون) وياء (بير) أنها بدل للتخفيف من همزة جؤن وبئر ، ولا تقول إنها عوض منها ، وتقول في لام (غازي) و (داعي) إنها بدل من الواو ولا تقول إنها عوض منها ، وتقول في العوض : إن التاء في عدة وزنة عوض من فاء الفعل ، ولا تقول إنها بدل منها.
فإن قلت ذلك فإن أقلّه وهو تجوّز في العبارة! وتقول في ميم (اللهم) إنها عوض من (ياء) في أوله ولا تقول بدل ، وتقول في تاء (زنادقة) إنها عوض من ياء (زناديق) ولا تقول بدل منها ، وفي ياء (أينق) إنها عوض من واو (أنوق) فيمن جعلها أيفل ، ومن جعلها عينا مقدمة مغيرة إلى الياء جعلها بدلا من الواو ، فالبدل أعمّ تصرّفا من العوض ، فكل عوض بدل وليس كل بدل عوضا ، والعوض مأخوذ من لفظ عوض وهو الدهر ، وذلك أن الدهر إنما هو مرور اللّيالي والأيام وتصرّم أجزائهما ، فكلما مضى جزء منه خلفه جزء آخر يكون عوضا منه ، فالوقت الكائن الثاني غير الوقت الماضي الأول ، فلهذا كان العوض أشدّ مخالفة للمعوض منه من البدل ، انتهى.
__________________
(١) انظر شرح المفصّل (١٠ / ٧).
(٢) انظر الخصائص (١ / ٢٦٩).