من جملتها أنّ هذه الكلمة (يس) تتكوّن من «ياء» حرف نداء و «سين» أي شخص الرّسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وعليه فيكون المعنى أنّه خطاب للرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم لتوضيح قضايا لاحقة.
وقد ورد في بعض الأحاديث أنّ هذه الكلمة تمثّل أحد أسماء الرّسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم (١).
ومنها أنّ المخاطب هنا هو الإنسان و «سين» إشارة له ، ولكن هذا الاحتمال لا يحقّق الانسجام بين هذه الآية والآيات اللاحقة ، لأنّ هذه الآيات تتحدّث إلى الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وحده.
لذا نقرأ في رواية عن الإمام الصادق عليهالسلام أنّه قال : «يس اسم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم والدليل على ذلك قوله تعالى : (إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (٢).
بعد هذه الحروف المقطّعة ـ وكما هو الحال في أغلب السور التي تبتدى بالحروف المقطّعة ـ يأتي الحديث عن القرآن المجيد ، فيورد هنا قسما بالقرآن ، إذ يقول : (وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ). الملفت للنظر أنّه وصف «القرآن» هنا بـ «الحكيم» ، في حين أنّ الحكمة عادة صفة للعاقل ، كأنّه سبحانه يريد طرح القرآن على أنّه موجود حي وعاقل ومرشد ، يستطيع فتح أبواب الحكمة أمام البشر ، ويؤدّي إلى الصراط المستقيم الذي تشير إليه الآيات التالية.
بديهي أنّ الله سبحانه وتعالى ليس بحاجة لأنّ يقسم ، ولكن الأقسام القرآنية تتضمّن ـ دائما ـ فائدتين أساسيتين : الاولى التأكيد على الموضوع اللاحق للقسم ، والثانية بيان عظمة الشيء الذي يقسم به الله تعالى ، إذ أنّ القسم لا يكون عادة بأشياء ليست ذات قيمة.
الآية التي بعدها توضّح الأمر الذي من آجله أقسم الله تعالى في مقدّمة السورة
__________________
(١) نور الثقلين ، مجلد ٤ ، صفحة ٣٧٤ و ٣٧٥.
(٢) نور الثقلين ، ج ٤ ، ص ٣٧٥.