يَأْكُلُونَ) (١).
قضيّة الحياة والبقاء من أهمّ دلائل التوحيد ، وهي قضيّة في واقعها معقّدة ومليئة بالألغاز وباعثة على الدهشة ، إذ أنّها حيّرت عقول العلماء جميعا ، فبرغم التطور والتقدّم الحاصل في وسائل الدراسة وفي العلوم بشكل عام ، لا زال الكثير من الأسرار تنتظر الحلّ! وحتّى الآن لم يعلم تحت تأثير أي العوامل تتحوّل موجودات ميتة إلى خلايا حيّة؟
حتّى الآن ، لم يعرف كيف تتكوّن طبقات خلايا البذور؟ وما هي القوانين المعقّدة التي تحكمها؟ بحيث أنّها بمجرد توفّر الشرائط المساعدة تبدأ بالتحرّك والنمو والرشد. وتستلّ من ذرّات التراب الميتة وجودها ، وبهذا الطريق تتحوّل الموجودات الميتة إلى أنسجة موجودات حيّة فتعكس في كلّ يوم مظهرا مختلفا من مظاهر حياتها ونموّها.
قضيّة الحياة في عالم النباتات والحيوانات وإحياء الأرض الميتة تعتبر من جانب دليلا على وجود معلومات وقوانين دقيقة سخّرت في خلق ذلك العالم ، ومن جانب آخر تعتبر دليلا على البعث بعد الموت.
ومن الواضح أنّ الضمير في «لهم» يعود على كلمة «العباد» التي ورد ذكرها في الآيات السابقة ، والمقصود من «العباد» هنا هم جميع الذين وقعوا في خطأ في تقدير مسألة المبدأ والمعاد ، والذي عدّ القرآن الكريم وضعهم باعثا على الحسرة والأسف.
تنكير «آية» ، إشارة إلى عظمة وأهميّة ووضوح تلك الآية التوحيدية.
جملة (فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ) إشارة من جانب إلى أنّ الإنسان يستفيد من بعض بذور النباتات للتغذية ، بينما بعضها غير قابل للأكل ، ولكن له فوائد اخرى كتغذية
__________________
(١) وردت احتمالات عديدة في إعراب الآية ، ولكن أوضحها على ما يبدو ، هو كون «آية لهم» خبر مقدّم و «الأرض الميتة» مبتدأ مؤخّر ، و «أحيينا» جملة استئنافية وهي توضيح وتفسير للجملة السابقة.