مختلفة ، وحتّى في عصرنا الحاضر الذي تميّزت فيه الصناعات التقليدية من منتجات الطبيعة لا زال الإنسان في مسيس الحاجة إلى الحيوانات من حيث التغذية ومن حيث الفوائد الاخرى كالألبسة ووسائل الحياة الاخرى. وحتّى بعض أنواع الأمصال واللقاحات ضدّ الأمراض التي يستفاد فيها من دماء بعض الحيوانات ، بل حتّى أنّ أتفه الأشياء الحيوانية وهي روثها أصبح ومنذ وقت طويل مورد استفادة الإنسان لتسميد المزارع وتغذية النباتات المثمرة.
٧ ـ (مَشارِبُ) إشارة إلى الحليب الذي يؤخذ من تلك الدواب ويؤمّن مع منتجاته قسما مهمّا من المواد الغذائية للإنسان ، بشكل أضحّت فيه صناعة الحليب ومنتجاته تشكّل اليوم رقما مهمّا في صادرات وواردات الكثير من الدول ، ذلك الحليب الذي يشكّل غذاء للإنسان ، ويخرج من بين دم وفرث لبنا سائغا يلتذّ به الشاربون ، ويكون عاملا لتقوية الضعفاء.
٨ ـ جملة (أَفَلا يَشْكُرُونَ) جاءت بصيغة الاستفهام الاستنكاري ، وتهدف إلى تحريك الفطرة والعواطف الإنسانية لشكر هذه النعم التي لا تحصى ، والتي ورد جانب منها في الآيات أعلاه ، وكما نعلم فإنّ «لزوم شكر المنعم» أساس لمعرفة الله ، إذ أنّ الشكر لا يمكن أن يكون إلّا بمعرفة المنعم ، إضافة إلى أنّ التأمّل في هذه النعم وإدراك أنّ الأصنام ليس لها أدنى تأثير أو دخل فيها ، سيؤدّي إلى إبطال الشرك.
لذا فإنّ الآية التالية ، تنتقل إلى الحديث عن المشركين ووصف حالهم فتقول : (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ).
فيا له من خيال باطل وفكر ضعيف؟ ذلك الذي يعتقد بهذه الموجودات الضعيفة التافهة التي لا تملك لنفسها ـ ناهيك عن الآخرين ـ ضرّا ولا نفعا ، ويجعلونها إلى جانب الله سبحانه وتعالى ويقرنونها به تعالى ، ويلجأون إليها لحلّ مشاكل حياتهم؟ نعم ، فهم يلجأون إليها لتكون عزّا لهم : (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ