الكبير الذي يتمثّل في تضحيات إبراهيم الخليل وقضيّة ذبح ابنه إسماعيل ، والآيات التي تخصّ هذا القسم ذكرت هنا ـ فقط ـ بهذا التفصيل ، ولم تذكر في موضع آخر بهذا الشكل.
الآية الاولى ، ربطت بين قصّة إبراهيم وقصّة نوح بهذه الصورة (وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ).
أي إنّ إبراهيم كان سائرا على خطى نوح عليهالسلام في التوحيد والعدل والتقوى والإخلاص ، حيث إنّ الأنبياء يبلغون لفكر واحد ، وهم أساتذة جامعة واحدة ، وكلّ واحد منهم يواصل تنفيذ برامج الآخر لإكمالها.
كم هي جميلة هذه العبارة؟ إبراهيم من شيعة نوح ، رغم أنّ الفاصل الزمني بينهما كان كبيرا (قال بعض المفسّرين : إنّ الفاصل الزمني بينهما يقدر بـ ٢٦٠٠ سنة) ، إذ أنّ العلاقات الإيمانية ـ كما هو معروف ـ لا يؤثّر عليها الفاصل الزمني أدنى تأثير (١).
بعد هذا العرض المختصر ندخل في التفاصيل ، قال تعالى : (إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ).
حيث فسّر المفسّرون (قلب سليم) بعدّة صور ، أشارت كلّ واحدة منها إلى أحد أبعاد هذه المسألة.
القلب الطاهر من الشرك.
أو القلب الخالص من المعاصي والظلم والنفاق.
__________________
(١) بعض المفسّرين أرجعوا ضمير (شيعته) إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، في حين أنّ آيات القرآن الكريم تقول : رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم اتّبع ملّة إبراهيم ، علاوة على ذلك فإنّ هذا المرجع ليس له في الآيات السابقة واللاحقة ضمير يدلّ عليه ، ومن الممكن أنّهم تصوّروا أنّ تعبير الشيعة هو دليل على أفضلية نوح من إبراهيم ، في حين أنّ القرآن الكريم تحدّث عن شخصية سامية لإبراهيم ، لكن هذا التعبير خال من أيّة دلالة على هذه المسألة ، بل المقصود استمرار الخطّ الفكري والديني ، كما أنّ أفضلية رسول الإسلام صلىاللهعليهوآلهوسلم بالنسبة لكافّة الأنبياء لا تتنافى مع أتباعه لدين إبراهيم التوحيدي يقول القرآن ، في الآية ٩٠ من سورة الأنعام (فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ).