لأنّه أو صد بكلتا يديه أبواب الهداية أمامه ، ولأنّ البارئ عزوجل يبعث فيض هدايته إلى من يراه لائقا ومستعدا لاستقبالها ، ولا يبعثها إلى الذين تعمدوا قتل الاستعدادات الموجودة في قلوبهم وذاتهم.
* * *
ملاحظة
الفرق بين التنزيل والإنزال :
في الآية الأولى وردت عبارة (تَنْزِيلُ الْكِتابِ) ، وفي الثانية عبارة (أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ) ، فما الفرق بين الإنزال والتنزيل؟ وما المراد من تباين العبارتين في هاتين الآيتين؟
كتب اللغة تقول : إنّ كلمة (تنزيل) تعني نزول الشيء على عدّة دفعات ، في حين أن كلمة (إنزال) لها معنى عام يشمل النّزول التدريجي والنّزول دفعة واحدة (١).
قال بعضهم إنّ لكل منهما معنى خاصا بها وأن (تنزيل) تعني ـ فقط ـ النّزول على عدّة دفعات ، و (إنزال) تعني ـ فقط ـ النّزول دفعة واحدة (٢).
اختلاف العبارتين المذكورتين أعلاه إنّما يعود إلى أن القرآن المجيد نزل بصورتين :
الأولى : نزل دفعة واحدة على قلب النّبي محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم في ليلة القدر في شهر
__________________
(١) مفردات الراغب مادة (نزل) والفرق بين الإنزال والتنزيل في وصف القرآن والملائكة ، أن التنزيل يختص بالموضع الذي يشير إليه إنزاله مفرقا ومرّة بعد اخرى والإنزال عام.
(٢) هذا الاختلاف ورد في التّفسير الكبير للفخر الرازي نقلا عن آخرين.