الطرفين ، لكنّها بالوعد الإلهي الحتمي لا بدّ أن تنتهي لصالح أهل الحق.
إنّ القانون الإلهي لا يقضي دائما بتعجيل العقوبة الآنية لكل من يرتكب عملا منافيا ، أو لمن يخرج عن جادة الصواب ويحيد عن سبيل الرشد ، وإنّما الأمر كما تقول الآية (٥٩) من سورة الكهف ، (وَجَعَلْنا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً).
وفي مكان آخر من الكتاب الإلهي العظيم نقرأ قوله تعالى : (فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً) (١).
وفي الآية (١٧٨) من «آل عمران» نلتقي في هذا المورد مع قوله تعالى : (إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً).
نستطيع أن ننهي القول في أنّ الهدف من هذا «الإمهال» هو إما لإتمام الحجة على الكافرين ، أو لاختبار المؤمنين ، أو قد يكون زيادة في ذنوب الذين قطعوا جميع طرق العودة على أنفسهم.
وفي عالمنا اليوم تشبه هذه الحالة الشعور بالدونية والحقارة الذي تعيشه بعض الشعوب المسلمة المختلفة ماديا إزاء الدول الكبرى والمتقدمة ، ولكن ينبغي مكافحة هذا الشعور بشدة بأسلوب المنطق القرآني أعلاه.
علاوة على هذا يجب على هؤلاء أن يدركوا أنّ أشكال التخلف والحرمان المادي إنّما تعود بدرجة كبيرة إلى ظلم الظالمين ، فإذا ما تحطّمت سلاسل الظلم والعبودية أمكن تجاوز التخلف بالمثابرة والكدح.
ثانيا : المجادلة في القرآن الكريم
لقد وردت كلمة «المجادلة» خمس مرات في هذه السورة المباركة ، وهي جميعا تختص بالمجادلة السلبية الباطلة ، والآيات التي اشتملت على ذكر المجادلة هي (٤ ، ٥ ، ٣٥ ، ٥٦ ، ٦٩) وبهذه المناسبة لا بأس بالتعرّض إلى بحث عن
__________________
(١) الطارق ، الآية ١٧.