ويوجد احتمال آخر ، وهو أنّ المراد من تسخير الشمس والقمر هو تسخيرها للإنسان بإذن الله ، كما ورد في الآية (٣٣) من سورة إبراهيم : (وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ). ولكن بالالتفات إلى الجملة السابقة واللاحقة في هذه الآية مورد البحث ، إضافة إلى عدم ورود كلمة (لكم) في الآية ، يجعل التّفسير المذكور أعلاه مستبعدا بعض الشيء.
نهاية الآية كانت بمثابة تهديد وترغيب للمشركين إذ تقول : (أَلا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ) فبحكم عزّته وقدرته المطلقة لا يمكن لأيّ مذنب ومشرك أن يهرب من قبضة عذابه ، وبمقتضى كونه الغفّار ، فإنّه يستر عيوب وذنوب التائبين ، ويظلمهم بظلّ رحمته.
«غفار» صيغة مبالغة مشتقّة من المصدر (غفران) وتعني في الأصل لبس الإنسان لشيء يقيه من التلوّث ، وعند ما تستخدم بشأن الباري ، عزوجل فإنّها تعني ستره لعيوب وذنوب عبادة النادمين وحفظهم من عذابه وجزائه ، نعم فهو (غفار) في أوج عزته وقدرته ، وهو (قهار) في أوج رحمته وغفرانه ، والهدف من ذكر هاتين الصفتين في آخر الآية ، هو إيجاد حالة من «الخوف» و «الرجاء» عند العباد ، وهما عاملان رئيسيان وراء كلّ تحرك نحو الكمال.
* * *