الله» (١).
وفي حديث آخر عن الإمام الإمام الصادق أنّه عليهالسلام قال : «المفوض أمره إلى الله في راحة الأبد ، والعيش الدائم الرغد ، والمفوض حقّا هو العالي عن كلّ همه دون الله» (٢).
«التفويض» كما يقول الراغب في مفرداته ، يعني «التوكل ، لذا فإنّ تفويض الأمر إلى الله يأتي بمعنى توكيل الأعمال إليه ، وهذا لا يعني أن يترك الإنسان الجد والجهد ، إذ أنّ هذا السلوك ينطوي على فهم محرّف لمعنى التفويض ، بل عليه أن يبذل كلّ جهده ولا يتخوّف الصعاب التي تواجهه ، أو يترك العمل إذعانا لها ، بل عليه أن يسلّم أمره وعمله إلى الله ، ويستمر في بذل الجهد بعزم راسخ وهمة عالية.
وبالرغم من أنّ «التفويض» يشبه «التوكل» إلى حد كبير ، إلّا أنّه يعتبر مرحلة أفضل منه. لأنّ حقيقة (التوكل) هي أن يعتبر الإنسان الله تبارك وتعالى وكيلا عنه ، لكن التفويض يعني التسليم المطلق لله تعالى. وفي حياتنا العملية نرى أنّ الإنسان الذي يتخذ لنفسه وكيلا يواصل إشرافه على عمله. إلّا أنّه في حالة التفويض لا يبقى أي مجال لإشراف من أي نوع ، بل تترك الأمور إلى من فوّضت إليه.
ثالثا : عالم البرزخ
«البرزخ» ـ كما يدل عليه اسمه ـ هو عالم يتوسط بين عالمنا هذا والعالم الآخر. وفي القرآن الكريم يكثر الحديث عن العالم الآخر ، ولكنّه قليل عن عالم البرزخ. ولهذا السبب هناك هالة من الغموض والإبهام تحيط بالبرزخ ، وبالتالي لا نعرف الكثير من خصائصه وجزئياته ، ولكن عدم معرفة التفاصيل الجزئية لا تؤثر على أصل الاعتقاد بالبرزخ الذي صرّح القرآن بأصل وجوده.
__________________
(١) بحار الأنوار ، المجلد ٦٨ ، صفحة ٣٤١.
(٢) سفينة البحار ، المجلد الثّاني ، صفحة ٣٨٤ ، مادة «فوض».