العوالم الواسعة العظيمة؟
لعلّ هذا الأسلوب يوقظ فيهم إحساسهم ووجدانهم فيحتكمون للحق.
يقول تعالى : (قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ) وتجعلون لله تعالى شركاء ونظائر : (وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً).
إنّه لخطأ كبير ، وكلام يفتقد إلى الدليل. (ذلِكَ رَبُّ الْعالَمِينَ).
إنّ الذي يدبّر أمور هذا العالم ، أليس هو خالق السماء والأرض؟ فإذا كان سبحانه وتعالى هو الخالق ، فلما ذا تعبدون هذه الأصنام وتجعلونها بمنزلته؟!
إنّ الذي يستحق العبادة هو الذي يقوم بالخلق والتدبير ، ويملك هذا العالم ويحكمه.
الآية التي تليها تشير إلى خلق الجبال والمعادن وبركات الأرض والمواد الغذائية ، حيث تقول : (وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها وَبارَكَ فِيها وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ) وهذه المواد الغذائية هي بمقدار حاجة المحتاجين : (سَواءً لِلسَّائِلِينَ) (١).
وبهذا الترتيب فإنّ تبارك وتعالى قد دبّر لكلّ شيء قدره وحاجته ، وليس ثمّة في الوجود من نقص أو عوز ، كما في الآية (٥٠) من سورة «طه» حيث قوله تعالى : (رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى).
المقصود من «السائلين» هنا هم الناس ، أو أنّها تشمل بشكل عام الإنسان والحيوان والنبات [وإذا ذكرت بصيغة الجمع للعاقب فهي من باب التغليب].
ووفق هذا التّفسير فإنّ الله تعالى لم يحدّد احتياجات الإنسان لوحده منذ البداية وحسب ، وإنّما فعل ذلك للحيوانات والنباتات أيضا.
__________________
(١) هناك احتمالات متعدّدة حول محل (سواء) و (للسائلين) من الأعراب وبما تختص.
الأوّل : أنّ (سواء) حال بـ (أقوات) و (للسائلين) متعلق بـ (سواء) وتكون النتيجة هي التّفسير الذي أوردناه أعلاه.
الثّاني : أنّ (سواء) صفة للأيام ، يعني أنّ هذه المراحل الأربع تتساوى فيما بينها. وأما (للسائلين) فإما أن تتعلق بـ (قدر) أو بمحذوف ويكون التقدير (كائنة للسائلين) يعني أنّ الأيّام الأربع هذه تعتبر جوابا للسائلين. لكن التّفسير الأوّل أوضح.