وروي عن الصادق عليهالسلام عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : أنّ الله إذا حاسب الخلق يبقى رجل قد فضلت سيئاته على حسناته ، فتأخذه الملائكة إلى النّار وهو يلتفت ، فيأمر الله بردّه ، فيقول له : لم التفت؟ ـ وهو تعالى أعلم به ـ فيقول : يا ربّ ما كان هذا ظنّي بك ، فيقول الله تعالى : يا ملائكتي! وعزّتي وجلالي والائي وعلوي وارتفاع مكاني ، ما ظن بي عبدي هذا ساعة من خير قط ، ولو ظنّ بي ساعة من خير ما ودعته بالنّار ، أجيزوا له كذبه وأدخلوه الجنّة». ثمّ أضاف رسول الله : ليس من عبد يظن بالله عزوجل خيرا إلّا كان عند ظنّه به وذلك قوله عزوجل : (وَذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ) (١).
الثّاني : الشهود في محكمة القيامة
عند ما تقول : إنّ جميع الناس سيحاكمون في العالم الآخر ، فقد يتبادر إلى الذهن أنّ المحكمة هناك تشبه محاكم هذه الدنيا ، إذ سيحضر كلّ فرد أمام القاضي وبيده ملفه ، وثمّة شهود في القضية ، ثمّ يبدأ السؤال والجواب قبل أن يصدر الحكم النهائي.
وقد أشرنا مرارا إلى أنّ الألفاظ سيكون لها مفهوم أعمق في ذلك العالم بحيث يصعب أو يستحيل علينا تصوّر مداليلها ، لأننا سجناء هذه الدنيا ومقاييسها.
ولكن نستطيع ـ مع ذلك ـ أن نقترب من بعض حقائق العالم الآخر من خلال ما نستفيده من الآيات القرآنية والأحاديث المروية عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأئمّة المسلمين من أهل بيته عليهمالسلام ، وتبيّن لنا آثار عن عظمة وعمق الحياة في ذلك العالم ومحكمة يوم البعث ، ولو بشكل إجمالي.
فمثلا عند ما يقال : «ميزان الأعمال» قد ينصرف الذهن إلى المعنى الذي نتصوّر فيه أعمالنا في ذلك اليوم خفيفة أو ثقيلة ، حيث توزن في ميزان ذي كفتين.
__________________
(١) عن تفسير علي بن إبراهيم كما نقل عنه تفسير نور الثقلين ، المجلد الرابع ، صفحة ٥٤٤.