والمادي (١).
إنّ هناك ـ بلا شك ـ موانع تحول دون الوصول إلى هذا الهدف العظيم ، وإنّ وساوس الشيطان تمنع الإنسان من تحقيق ذلك بوسائل مختلفة ، لذلك نرى الآية الأخيرة تخاطب الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بوصفه الأسوة والقدوة فتقول له : (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (٢).
«نزغ» تعني الدخول في عمل ما لإفساده ، ولهذا السبب يطلق على الوساوس الشيطانية «نزغ» وهذا التحذير بسبب ما يراود ذهن الإنسان من مفاهيم مغلوطة خطرة ، إذ يقوم بعض أدعياء الصلاح بتوجيه النصائح على شاكلة قولهم : لا يمكن إصلاح الناس إلّا بالقوّة. أو يجب غسل الدم بالدم. أو الترحم على الذئب ظلم للخراف وأمثال ذلك من الوساوس التي تنتهي إلى مقابلة السيئة بالسيئة.
القرآن الكريم يقول : إيّاكم والسقوط في مهاوي هذه الوساوس ، ولا تلجأوا إلى القوّة إلّا في موارد معدودة ، وعند ما يواجهكم أمثال هذا الكلام فاستعينوا بالله واعتمدوا عليه لأنّه يسمع الكلام ويعلم النيات.
وأخيرا ، تتضمّن الآية الدعوة إلى الاستعاذة بالله على مفهوم واسع ، وما ذكر هو أحد المصاديق لذلك.
* * *
ملاحظتان
أوّلا : برنامج الدعاء إلى الله
لقد تضمّنت الآيات الأربع ـ أعلاه ـ أربعة بحوث بالنسبة إلى كيفية الدعوة
__________________
(١) اعتقد بعض المفسّرين أن قوله تعالى : (وَما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) إشارة إلى الثواب العظيم لمثل هؤلاء الأشخاص العافين الذي ينالهم في الآخرة ، لكن هذا التّفسير مستبعد بسبب أنّ الآية تريد أن تبين الأساس الأخلاقي لهذا العمل العظيم.
(٢) «نزغ» في الآية الكريمة يمكن أن تكون بنفس معناها المصدري أو أن تكون «اسم فاعل».