رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ).
لذا فإنّ من لم يؤمن بهذا الكتاب والدين العظيم فسوف لن يضروا الله تعالى ولا يضروك ، لأن الحسنات والسيئات تعود إلى أصحابها ، وهم الذين سينالون حلاوة أعمالهم ومرارتها.
* * *
مسائل :
أوّلا : الإختيار والعدالة
قوله تعالى : (وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) دليل واضح على قانون الإختيار وحربة الإرادة ، وفيه حقيقة أنّ الله لا يعاقب أحدا بدون سبب ، ولا يزيد في عقاب أحد دون دليل ، فسياسته في عباده العدالة المحضة ، لأنّ الظلم يكون بسبب النقص والجهل والأهواء النفسية ، والذات الإلهية المقدسة منزّهة عن كلّ هذه العيوب والنواقص.
كلمة «ظلّام» والتي هي صيغة مبالغة بمعنى «كثير الظلم» ، يمكن أن تشير ـ هنا وفي آيات قرآنية اخرى ـ إلى أنّ العقاب دون سبب من قبل الخالق العظيم يعتبر مصداقا للظلم الكثير ، لأنّه تعالى منزّه عن هذا الفعل.
وذهب بعضهم الى أن الله تعالى له عباد كثر ، فلو أراد أن يظلم كلّ واحد منهم بجزء يسير قليل ، عندها سيكون مصداقا لـ «ظلّام».
وهذان التّفسيران لا يتعارضان فيما بينهما.
المهم هنا أنّ القرآن وفي هذه الآيات البينات نفى الجبر الذي يؤدي الى اشاعة الفساد وارتكاب أنواع القبائح ، والاعتقاد به يؤدي إلى إلغاء أي نوع من المسؤولية والتكليف ، بينما الجميع مسئولون عن أعمالهم ، نتائجها تعود بالدرجة الأولى عليهم.