لذلك نقرأ في حديث عن الإمام علي بن موسى الرضا عليهالسلام في الإجابة على هذا السؤال : هل يجبر الله عباده على المعاصي؟
فقال : «لا ، بل يخيرهم ويمهلهم حتى يتوبوا».
فسئل عليهالسلام مجددا : هل كلف عباده ما لا يطيقون؟
أجاب الإمام عليهالسلام : «كيف يفعل ذلك وهو يقول : (وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ)».
ثم أضاف الإمام الرضا عليهالسلام : «إنّ أبي موسى بن جعفر نقل عن أبيه جعفر بن محمّد من زعم أنّ الله يجبر عباده على المعاصي أو يكلفهم ما لا يطيقون فلا تأكلوا ذبيحته ، ولا تقبلوا شهادته ، ولا تصلوا وراءه ولا تعطوه من الزكاة شيئا» (١).
إنّ هذا الحديث الشريف يشير ـ ضمنا ـ إلى هذه الملاحظة الدقيقة. وهي إنّ الجبريين ينتهون في عقيدتهم إلى القول بـ «التكليف بما لا يطاق» لأنّ الإنسان إذا كان مجبورا على الذنب من ناحية ، وممنوعا عنه من ناحية اخرى ، فهذا يكون مصداقا واضحا للتكليف بما لا يطاق.
ثانيا : الذنوب وسلب النعم
في حديث عميق الدلالة لأمير المؤمنين نقرأ قوله عليهالسلام : «وأيم الله! ما كان قوم قط في غض نعمة من عيش فزال عنهم إلّا بذنوب اجترحوها ، لأنّ الله ليس بظلام للعبيد».
ثم أضاف عليهالسلام :
«ولو أنّ الناس حين تنزل بهم النقم ، وتزول عنهم النعم ، فزعوا إلى ربّهم بصدق من نياتهم ، ووله من قلوبهم ، لردّ عليهم كلّ شارد ، وأصلح لهم كلّ فاسد.» (٢).
__________________
(١) عيون أخبار الرضا ، نقلا عن نور الثقلين ، المجلد ٤ ، صفحة ٥٥٥.
(٢) نهج البلاغة ، الخطبة ١٨٨.