لذا ، وكتعليمات عامّة لجميع الأنبياء العظام تقول الآية في الجملة الأخرى : (أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ).
فهي توصي بأمرين مهمّين :
الأوّل : إقامة دين الخالق في كلّ الأرض (وليس العمل فحسب ، بل إقامته وإحياؤه ونشره).
الثّاني : الاحتراز عن البلاء العظيم ، يعني الفرقة والنفاق في الدين.
وبعد ذلك تقول : (كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ).
فلقد تطبع هؤلاء على الشرك وعبادة الأصنام بسبب الجهل والتعصب لسنين طويلة ، وعشعش ذلك في أعماقهم بحيث أصبحت الدعوة إلى التوحيد تخيفهم وتوحشهم ، إضافة لذلك فإن مصالح زعماء المشركين اللامشروعة محفوظة في الشرك ، في حين أن التوحيد هو أساس ثورة المستضعفين ، ويقف حائلا دون أهواء الطغاة ومظالمهم.
وكما أن انتخاب الأنبياء بيد الخالق ، كذلك فإنّ هداية الناس بيده أيضا : (اللهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ).
* * *
ملاحظات
وهناك ملاحظات في هذه الآية يجب الانتباه إليها :
١ ـ (شرع) من كلمة (شرع) وهي في الأصل تعني الطريق الواضح ، حيث يقال (الشريعة) للطريق المؤدي إلى النهر ، ثمّ استخدمت هذه الكلمة بخصوص الأديان الإلهية والشرائع السماوية ، لأن طريق السعادة الواضح يتمثل فيها ، وهي طريق الوصول إلى الإيمان والتقوى والصلح والعدالة.
وبما أنّ الماء هو أساس النظافة والطهارة والحياة ، لذا فإنّ لهذا المصطلح