أمّا آخر جملة فتقوم بتوضيح حال الأشخاص الذين جاؤوا بعد هذه المجموعة ، أي الذين لم يدركوا عصر الرسل ، بل جاؤا في فترة طبع فيها المنافقون والمفرقون المجتمع البشري بطابعهم الشيطاني ، لذا لم يستطيعوا إدراك الحق بشكل جيد ، حيث تقول : (وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ) (١).
وقد ذكروا في حقيقة معنى كلمة (ريب) أن هذه الكلمة تطلق على الشك الذي يتبدل إلى الحقيقة أخيرا بعد أن يزال الستار عنه ، وقد يكون هذا الأمر إشارة إلى ظهور نبيّ الإسلام صلىاللهعليهوآلهوسلم بالأدلة الواضحة ، حيث محى آثار الشك والريب من قلوب طلّاب الحق.
* * *
ملاحظة
نقل تفسير علي بن إبراهيم عن الإمام الصادق عليهالسلام في قول الله تعالى : (أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ) قال الأمام ، (وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ) كناية عن أمير المؤمنين الإمام علي عليهالسلام ثمّ قال : (كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ) من أمر ولاية علي (اللهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ) كناية عن علي (ع) (٢).
وبديهي أنّ المقصود ليس تحديد الدين في ولاية علي عليه أفضل الصلاة والسلام ، بل الهدف هو بيان هذه الحقيقة ، وهي أنّ قضية ولاية أمير المؤمنين الإمام علي عليهالسلام تعتبر من أركان الدين أيضا.
* * *
__________________
(١) وفقا لهذا التّفسير الذي يتناسق بشكل كامل مع الجمل السابقة ، فإن ضمير (بعدهم) يعود إلى الأمم الأولى التي أوجدت الفرقة بين المذاهب والأديان ، وليس إلى الأنبياء المذكورين في الآية السابقة (فدقق ذلك).
(٢) تفسير نور الثقلين ، المجلد الرابع ، ص ٥٦٧.