ومن الضروري الإشارة إلى هذه الملاحظة ، وهي أنّه ورد في آخر الآية :
(وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً إِنَّ اللهَ غَفُورٌ شَكُورٌ). وهل هناك حسنة أفضل من أن يكون الإنسان دائما تحت راية القادة الإلهيين ، يحبّهم بقلبه ، ويستمر على خطهم ، يطلب منهم التوضيح للقضايا المبهمة في كلام الخالق ، يعتبرهم القدوة والأسوة وسيرتهم وعملهم هو المعيار.
* * *
الروايات الواردة في تفسير هذه الآية
الدليل الآخر على التّفسير أعلاه هو الروايات المتعددة الواردة في مصادر أهل السنة والشيعة ، والمنقولة عن الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، حيث توضح أن المقصود من (القربى) هم أهل البيت والمقربون وخاصة الرّسول ، وعلى سبيل المثال نذكر :
١ ـ ينقل (أحمد بن حنبل) في فضائل الصحابة بسنده عن سعيد بن جبير عن عامر : لما نزلت : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) قالوا : يا رسول الله! ومن قرابتك؟ من هؤلاء الذين وجبت علينا مودّتهم؟ قال : «علي وفاطمة وابناهما عليهمالسلام ، وقالها ثلاثا» (١).
٢ ـ ورد في (مستدرك الصحيحين) أن الإمام علي بن الحسين عليهالسلام قال : عند استشهاد أمير المؤمنين الإمام علي عليهالسلام ، وقف الحسن بن علي عليهالسلام يخطب في الناس ، وكان ممّا قال : إنا من أهل البيت الذين افترض الله مودتهم على كلّ مسلم ، فقال تبارك وتعالى لنبيّه : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً) فاقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت (٢).
__________________
(١) إحقاق الحق ، المجلد الثّالث ، ص ٢ ، كما ذكر القرطبي : أيضا هذه الرواية في نهاية الآية التي نبحثها المجلد الثامن ، ص ٥٨٤٣.
(٢) مستدرك الصحيحين ، المجلد الثَّالث ، ص ١٧٢ ، وقد نقل محب الدين الطبري نفس هذا الحديث في الذخائر ص ١٣٧ ، كما ذكر ابن حجر ذلك أيضا في الصواعق المحرقة ، ص ١٠١.