وفي تفسير (الدر المنثور) ورد حديث آخر ، وهو أن هذه الآية نزلت في أهل الصفّة ، لأنّهم كانوا يأملون بتحسن وضع دنياهم (١).
وهناك تفصيل في نهاية الآيات بخصوص أصحاب الصفة ومن هم؟
التّفسير
المترفون الباغون :
قد يكون ارتباط هذه الآيات بالآيات السابقة بلحاظ ما ورد في آخر آية من الآيات السابقة من أن الخالق يستجيب دعوة المؤمنين ، وفي أعقاب ذلك يطرح هذا السؤال : لماذا نرى البعض منهم فقراء ، ولا ينالون ما يرغبونه مهما يدعون؟ تقول الآية : (وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ).
وبهذا الترتيب فإنّ تقسيم الأرزاق يقوم على حساب دقيق من قبل الخالق تجاه عباده ، وهذا يحدث بسبب : (إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ).
فهو يعلم بمقدار استيعاب أي شخص فيعطيه الرزق وفقا لمصلحته ، فلا يعطيه كثيرا لئلا يطغى ، ولا قليلا لئلا يستغيث من الفقر.
وجاء ما يشبه هذا المعنى في الآية (٦) و (٧) من سورة العلق : (إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى).
وهو حقّا كذلك ، فالبحث في أحوال الناس يدل على هذه الحقيقة الصادقة ، وأنّه عند ما تقبل الدنيا عليهم ويعيشون في رفاهية وسعة ، ينسون الخالق ويبتعدون عنه ويغرقون في بحر الشهوات ، ويفعلون ما لا ينبغي فعله ، ويشيعون الظلم والجور والفساد في الأرض.
وفي تفسير آخر عن (ابن عباس) في هذه الآية ورد أن المقصود من (البغي)
__________________
(١) ينقل الدر المنثور هذا الحديث عن الحاكم والبيهقي وأبي نعيم (ج ٦ ص ٨).