فهي تبدأ بالوحي وتنتهي به ، لأن الآيات الأخيرة تتحدث عن هذا الموضوع (أي الوحي).
وبما أن الآيات السابقة كانت تتحدث عن النعم الإلهية ، لذا فإنّ هذه الآيات تتحدث عن أهم نعمة إلهية وأكثرها فائدة لعالم البشرية ، ألا وهي قضية الوحي والارتباط بين الأنبياء والخالق.
في البداية تقول الآية : (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً) لأنّ الخالق منزه عن الجسم والجسمانية.
(أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ) كما كان يفعل موسى حيث أنّه كان يتحدث في جبل الطور ، وكان يسمع الجواب عن طريق الأمواج الصوتية التي كان يحدثها الخالق في الفضاء ، دون أن يرى أحدا ، لأنّه لا يمكن مشاهدة الخالق بالعين المجرّدة.
(أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً) كما كان يقوم به جبرائيل الأمين وينزل على الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم (فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ).
نعم ، فلا يوجد طريق آخر سوى هذه الطرق الثلاثة لتحدث الخالق مع عبادة لـ (إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ).
فهو أعلى وأجل من أن يرى أو يتكلم عن طريق اللسان ، وكل أفعاله حكيمة ، ويتمّ ارتباطه بالأنبياء وفق برنامج.
هذه الآية تعتبر ـ في الحقيقة ـ ردا على الذين يتصورون ـ بجهالة ـ أن الوحي يعني مشاهدة الأنبياء للخالق وهم يتكلمون معه ، حيث أن الآية تعكس بشكل دقيق ومختصر حقيقة الوحي والروح.
ومن مجمل الآية نستفيد أن الارتباط بين الأنبياء والخالق يتمّ عبر ثلاثة طرق هي :
١ ـ الإيحاء ، حيث كان كذلك بالنسبة للعديد من الأنبياء مثل نوح ، حيث