ومن الإشكالات الأخرى على هذا الكلام هو تصنيفه للنبي في قائمة الفلاسفة والنوابغ بعقل وروح أقوى ، في حين أنّنا نعلم أن طريق الوحي مغاير تماما لطريق الإدراكات العقلية.
فهذه المجموعة من الفلاسفة أساءت لأساس الوحي والنبوة دون قصد ولأنّهم لم يلمّوا بالحقيقة سلكوا طريق الخيال والأسطورة.
وهناك تفصيلات أكثر عن هذا الموضوع تأتي ضمن البحوث القادمة.
٢ ـ تفسير بعض الفلاسفة الجدد
هذه المجموعة من الفلاسفة اعتبرت الوحي باختصار نوعا من (الشعور الباطن) وجاء في (دائرة معارف القرن العشرين) حول الوحي ما يلي :
(كان الغربيون إلى القرن السادس عشر كجميع الأمم المتدينة يقولون بالوحي لأن كتبهم مشحونة بأخبار الأنبياء ، فلما جاء العلم الجديد بشكوكه ومادياته ذهبت الفلسفة الغربية إلى أن مسألة الوحي من بقايا الخرافات القديمة وتغالت حتى أنكرت الخالق والروح معا وعللت ما ورد عن الوحي في الكتب القديمة بأنّه إمّا اختلاف من المتنبأة أنفسهم لجذب الناس إليهم وتسخيرهم لمشيئتهم ، وإمّا إلى هذيان مرض يعتري بعض العصبيين فيخيل إليهم أنّهم يرون أشباحا تكلمهم وهم لا يرون في الواقع شيئا. رواج هذا التعليل في العالم الغربي حتى صار مذهب العلم الرسمي ، فلما ظهرت آية الأرواح في امريكا سنة ١٨٤٦ وسرت منها إلى أوروبا كلها وأثبت للناس بدليل محسوس وجود عالم روحاني آهل بالعقول الكبيرة والأفكار الثاقبة تغير وجه النظر في المسائل الروحانية ، وحييت مسألة الوحي بعد أن كانت في عداد الأضاليل القديمة ، وأعاد العلماء النحت فيها على قاعدة العلم التجريبي المقرر لا على أسلوب التقليد الديني ولا من طريق الغرب في مهامة الخيالات ، فتأدوا إلى نتائج وإن كانت غير ما قرره علماء الدين