وهكذا نرى أن بداية ونهاية هذه الآيات منسجمة فيما بينها ومترابطة ، ونهاية السورة ـ أيضا ـ يتلاءم مع بديتها والموضوع العام الساري عليها.
* * *
ملاحظات
١ ـ ماذا كان دين الرّسول الأعظم قبل نبوته؟
لا يوجد شك في أن الرّسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يسجد لصنم قبل بعثته أبدا ، ولم ينحرف عن خط التوحيد ، فتاريخ حياته يعكس بوضوح هذا المعنى ، إلّا أن العلماء يختلفون في الدين الذي كان عليه :
فذهب بعضهم أنّه دين المسيح عليهالسلام ، لأن المسيحية كانت الدين الوحيد الرسمي غير المنسوخ قبل بعثة الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وقال البعض الآخر : إنه دين إبراهيم عليهالسلام ، لأنّه (شيخ الأنبياء) وأبوهم ، وقد ذكرت بعض آيات القرآن أن دين الإسلام هو دين إبراهيم : (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ) (١).
أمّا البعض الآخر فلم يذكر شيئا واكتفى بالقول بأننا نعلم بأنّه كان على دين معين إلّا أنّه لم يتوضح لنا ما هو.
وبالرغم من أن كلا من هذه الأقوال يستند إلى دليل معين ، إلّا أنّها ليست قطعية ، وأفضلها قول آخر وهو : لقد كان الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم يملك برنامجا خاصا من قبل الخالق وكان يعمل به ، وفي الحقيقة فقد كان له دين خاص حتى زمان نزول الإسلام عليه.
والدليل على هذا الكلام الجملة التي ذكرناها قبل قليل ، والوارد في نهج البلاغة ، وهو «ولقد قرن الله به ومن لدن أن كان فطيما أعظم ملك من ملائكته ،
__________________
(١) الحج ، الآية ٧٨.