القرآن ، قبل نزوله وقبل تشريع الإسلام.
أمّا كلمة الإيمان ، فلو لا حظنا أن هذه الكلمة وردت بعد الكتاب ، وبملاحظة الجمل الأخرى الواردة بعدها في الآية ، يتضح أن المقصود بها هو الإيمان بمحتوى هذا الكتاب السماوي وليس مطلق الإيمان ، لذا لا يوجد أي تعارض مع ذكرناه ، ولا يمكن أن تكون هذه الجملة وسيلة لذوي النفوس المريضة كي يستدلوا بها على نفي الإيمان بشكل مطلق عن الرّسول ، وينكرون الحقائق التاريخية في هذا المجال.
وقد ذكر بعض المفسّرين أجوبة اخرى لهذا السؤال منها :
أ ـ المقصود من الإيمان ليس الإعتقاد لوحده ، بل مجموع الإعتقاد والإقرار باللسان والأعمال وهذا هو المقصود به في التعبير الإسلامي.
ب ـ المقصود من الإيمان هو الإعتقاد بالتوحيد والرسالة ، ونحن نعلم أن النّبي كان موحدا ، إلّا أنّه لم يكن يؤمن برسالته بعد.
ج ـ المقصود من الإيمان هو أركان الإيمان التي لا يتوصل إليها الإنسان عن طريق العقل ، والطريق الوحيد لذلك هو الأدلة النقلية (مثل العديد من خصوصيات المعاد).
د ـ هناك محذوف في هذه الآية وفي التقدير : ما كنت تدري كيف تدعو الخلق إلى الإيمان (١).
ولكن حسب اعتقادنا فإن المعنى الأوّل
أفضل المعاني وأكثرها تلاؤما مع محتوى الآية.
٣ ـ ملاحظة أدبية
هناك كلام كثير حول الضمير في جملة : (لكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً) لمن يعود ،
__________________
(١) الآلوسي في روح المعاني ، المجلد ٢٥ ، ص ٥٥ ، وقد ذكر احتمالات اخرى إلّا أنّنا لم نذكرها لعدم أهميتها.