ولهذا السبب فإنّ المؤمنين كثيرا ما يفكرون بها.
وثمة سؤال يطرح نفسه هنا : إذا كانت الآيات السباقة تخص الأنبياء والمؤمنين من أتباعهم ، فكيف اقترف هؤلاء تلك الزلات الكبيرة؟
الجواب على هذا السؤال يتّضح من خلال الانتباه إلى أنّه عند ما ينسب عمل ما إلى مجموعة ، فهذا لا يعني أنّ الجميع قاموا بذلك العمل ، وإنّما يكفي أن تقوم به مجموعة صغيرة منهم ، فمثلا عند ما نقول : إن بني العباس خلفوا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من دون أيّ حق ، فإنّ هذا لا يعني أنّ الكل اعتلوا كرسي الخلافة ، وإنّما مجموعة منهم.
الآية المذكورة أعلاه تبيّن أنّ مجموعة من حملة الرسالة وأتباع نهجهم كانوا قد ارتكبوا بعض الأخطاء والزلّات ، وأنّ البارئ عزوجل صفح عنهم وغفر لهم بسبب أعمالهم الصالحة والحسنة. على أيّة حال فإنّ ذكر الغفران والصفح قبل ذكر الثواب ، يعود إلى هذا السبب ، وهو أنّ عليهم في البداية أن يغتسلوا ويتطهروا ، ومن ثمّ الورود الى مقام القرب الالهي. يجب عليهم في البداية أن يريحوا أنفسهم من العذاب الإلهي كي يتلذذوا بنعم الجنّة.
* * *
مسألة :
الكثير من المفسّرين المسلمين من الشيعة والسنة نقلوا الرّواية التالية بشأن تفسير هذه الآية ، وهي أنّ النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم هو المقصود في (وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ) وأن الإمام علي عليهالسلام هو المقصود في (صَدَّقَ بِهِ).
المفسّر الإسلامي الكبير العلّامة «الطبرسي» نقل ذلك في تفسيره (مجمع البيان) عن أهل البيت الأطهار ، ونقلها كذلك أبو الفتوح الرازي في تفسير (روح الجنان) عن نفس المصدر السابق. كما نقلت مجموعة من المفسّرين السنة ذلك عن أبي هريرة نقلا عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وعن طرق اخرى ، ومن جملة من نقله