التّفسير
إن الله كاف!
تتمة لتهديدات البارئ عزوجل التي وردت في الآيات السابقة للمشركين ، والوعد التي لأنبيائه ، تتطرق الآية الأولى في بحثنا لتهديد الكفّار (أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ).
إن قدرة البارئ عزوجل أقوى وأعظم من كلّ القدرات الأخرى ، وهو الذي يعلم بكلّ احتياجات ومشكلات عباده ، والذي هو رحيم بهم غاية الرحمة واللطف ، كيف يترك عباده المؤمنين لوحدهم أمام أعاصير الحوادث وعدوان بعض الأعداء؟
ومع أن سبب نزول هذه الآية ـ طبقا لما جاء في الرّوايات التي ذكرناها ـ هو للرد على التخويف والتهديد بغضب الأصنام ، لكن معنى الآية أوسع ، ويتّسع لكلّ تهديد يهدد به الإنسان بما هو دون الله.
على أية حال ، فإنّ في هذه الآية بشرى لكلّ السائرين في طريق الحقّ والمؤمنين الحقيقيين ، خاصّة أولئك الذين يعيشون أقلية في بعض المجتمعات ، والمحاطين بمختلف أشكال التهديد من كلّ جانب.
الآية تعطيهم الأمل والثبات ، وتملأ أرواحهم بالنشاط وتجعل خطواتهم ثابتة ، وتمحو الآثار النفسية لصدمات تهديدات الأعداء ، نعم فعند ما يكون الله معنا فلا نخاف غيره ، وإن انفصلنا وابتعدنا عنه فسيكون كلّ شيء بالنسبة لنا رهيبا ومخيفا.
وكتتمة للآية السابقة والآية التالية اشارة إلى مسألة (الهداية) و (الضلالة) وتقسم الناس إلى قسمين : (ضالين) و (مهتدين) وكل هذا من الله سبحانه وتعالى ، كي تبيّن أنّ جميع العباد محتاجون لرحمته ، ومن دون إرادته لا يحدث شيء في هذا العالم ، قال تعالى : (وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ).